Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 77, Ayat: 30-40)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ } أي : فِرَق . وذلك دخان جهنم المرتفع من وقودها إذا تصاعد تفرّق شعباً ثلاثاً ، لعظمه . قال الشهاب : فيه استعارة تهكمية لتشبيه ما يعلو من الدخان بالظل . وفيه إبداع ؛ لأن الظل لا يعلو ذا الظل . وقوله تعالى : { لاَّ ظَلِيلٍ } تهكم بهم ؛ لأن الظل لا يكون إلا ظليلاً أي مظللاً . فنفيه عنه للدلالة على أن جعله ظلاًّ تهكم بهم ، ولأنه ربما يتوهم أن فيه راحة لهم ، فنفي هذا الاحتمال بقوله : { لاَّ ظَلِيلٍ } { وَلاَ يُغْنِي مِنَ ٱللَّهَبِ } أي : لا يرد عنهم من لهب النار شيئاً . والمعنى : أنه لا يظلهم من حرها ولا يكنهم من لهبها { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ } أي : تقذف كل شررة كالقصر في عظمها . والقصر : واحد القصور . قال ابن جرير : العرب تشبّه الإبل بالقصور المبنية ، كما قال الأخطل في صفة ناقة : @ كأنها بُرْجُ رُومِيّ يُشَيِّدُهُ لُزَّ بِجِصٍّ وآجُرّ وأَحْجَارِ @@ ثم قال : وقيل : { بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ } ولم يقل : كالقصور . والشرر جمع . كما قيل : { سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } [ القمر : 45 ] ولم يقل الأدبار لأن الدبر بمعنى الأدبار . وفعل ذلك توفيقاً بين رؤوس الآي ومقاطع الكلام ؛ لأن العرب تفعل ذلك كذلك . وبلسانها نزل القرآن . { كَأَنَّهُ جِمَٰلَتٌ } وقرئ : " جمالاتٌ " جمع ( جمال ) جمع ( جمل ) . أو جمع ( جمالة ) جمع ( جملٌ ) أيضاً . ونظيره : رجال ورجالات ، وبيوت وبيوتات ، وحجارة وحجارات . { صُفْرٌ } أي : في لونها . فإن الشرار بما فيه من النارية يكون أصفر . وقيل : صفر أي سود . قال قتادة وغيره : أي : كالنوق السود ، واختاره ابن جرير زاعماً أنه المعروف من كلام العرب . { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } أي : بحجة . أو في وقت من أوقاته ؛ لأنه يوم طويل ذو مواقف ومواقيت . أو جعل نطقهم كلا نطق ؛ لأنه لا ينفع ولا يسمع ، فلا ينافي آية : { وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] وآية { وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً } [ النساء : 42 ] وآية : { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } [ الزمر : 31 ] { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } أي : لا يمهد لهم الإذن في الاعتذار ، لعدم قبول معذرتهم بقيام الحجة عليهم . وإنما لم يقل : ( فيعتذروا ) محافظة على رؤوس الآي . وقيل : هو معطوف على { يُؤْذَنُ } منخرط معه في سلك النفي . والمعنى : لا يكون لهم إذن واعتذار متعقب له ، من غير أن يجعل الاعتذار مسبباً عن الإذن . { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } أي : الحق بين العباد { جَمَعْنَٰكُمْ } أي : حشرناكم فيه { وَٱلأَوَّلِينَ } أي : من الأمم الهالكة { فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ } أي : احتيال للتخلص من العذاب { فَكِيدُونِ } أي : فاحتالوا له . قال الزمخشري : تقريع لهم على كيدهم لدين الله وذويه ، وتسجيل عليهم بالعجز والاستكانة { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } أي : فإنه لا حيلة لهم في دفع العقاب .