Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 78, Ayat: 6-11)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَٰداً } أي : فراشاً وموطئاً تتمهدونها وتفترشونها { وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً } أي : للأرض . أي أرسيناها بالجبال كما يرسي البيت بالأوتاد ، حتى لا تميد بأهلها فيكمل كون الأرض مهاداً بسبب ذلك . قال الإمام مفتي مصر : وإنما كانت الجبال أوتاداً لأن بروزها في الأرض كبروز الأوتاد المغروزة فيها ، ولأنها في تثبيت الأرض ومنعها من الميدان والاضطراب ، كالأوتاد في حفظ الخيمة من مثل ذلك . كأن أقطار الأرض قد شدت إليها . ولولا الجبال لكانت الأرض دائمة الاضطراب بما في جوفها من المواد الدائمة الجيشان . { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً } أي : ذكوراً وإناثاً . قال الإمام : ليتم الائتناس والتعاون على سعادة المعيشة وحفظ النسل وتكميله بالتربية . { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } أي : راحة ودعة ، يريح القوى من تعبها ويعيد إليها ما فقد منها . إطلاقاً للملزوم وهو ( السبات ) بمعنى النوم ، وإرادة للازم وهو ( الاستراحة ) . وقيل : السبات هو النوم الممتد الطويل السكون . ولهذا يقال فيمن وصف بكثرة النوم : إنه مسبوت وبه سبات . ووجه الامتنان بذلك ظاهر ، لما فيه من المنفعة والراحة ؛ لأن التهويم والنوم الغرار لا يكسبان شيئاً من الراحة . وقد أفاض السيد المرتضى في أماليه في لطائف تأويل هذه الآية . { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً } أي : كاللباس بإحاطة ظلمته بكل أحد ، وستره لهم . قال الرازي : ووجه النعمة في ذلك ، أن ظلمة الليل تستر الإنسان عن العيون إذا أراد هرباً من عدو أو بياتاً له ، أو إخفاء ما لا يحب الإنسان إطلاع غيره عليه . قال المتنبي : @ وكم لِظَلاَمِ الليلِ عَنْدِيَ مِنْ يَدٍ تخبرِّ أن المانوية تَكْذِبُ @@ وأيضاً ، فكما أن الإنسان بسبب اللباس ، يزداد جماله وتتكامل قوته ويندفع عنه أذى الحر والبرد ، فكذا لباس الليل بسبب ما يحصل فيه من النوم يزيد في جمال الإنسان وفي طراوة أعضائه وفي تكامل قواه الحسية والحركية ، ويندفع عنه أذى التعب الجسماني وأذى الأفكار الموحشة . { وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً } أي : وقت معاش . إذ فيه تتقلب الخلق في حوائجهم ومكاسبهم .