Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 11-11)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ } أي : يلقي عليكم النوم للأمن الكائن منه تعالى ، مما حصل لكم من الخوف من كثرة عدوّكم . وقد كان أسهرهم الخوف ، فألقى تعالى عليهم النوم فأمنوا واستراحوا . وكذلك فعل تعالى بهم يوم ( أُحُد ) ، كما قال جل ذكره : { ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَىٰ طَآئِفَةً مِّنْكُمْ } [ آل عمران : 154 ] ، وقرئ : " يُغْشيكم " من الإغشاء ، بمعنى التغشية والفاعل في الوجهين هو الله تعالى وقرئ : " يَغْشاكم " على إسناد الفعل إلى النعاس . وفي الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان يوم بدر في العريش مع الصديق رضي الله عنه ، وهما يدعوان ، أخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم سِنَةٌ من النوم ، ثم استيقظ متبسماً ، فقال : " أبشر يا أبا بكر ، هذا جبريل ، على ثناياه النقع " . ثم خرج من باب العريش ، وهو يتلو : { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ } [ القمر : 45 ] " . ثم ذكرّهم تعالى منَّةً أخرى تدل على نصره إياه بقوله سبحانه : { وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ } أي : من الحدث الأصغر والأكبر ، وهو تطهير الظاهر { وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ } أي : وسوسته ، بأنكم على هذا الرمل لا تتمكنون من المحاربة ، ومع فقد الماء كيف تفعلون ؟ فأزال تعالى بإنزاله ، ذلك ، فكان لهم به طهارة باطنة ، فكملت لهم الطهارتان ، أي : من وسوسة أو خاطر سيء ، وهو تطهير الباطن : { وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ } أي : يقويها بالثقة ، بالأمن وزوال الخوف . { وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ } أي : على الرمل . قال مجاهد : أنزل الله عليهم المطر ، فأطفأ به الغبار ، وتلبدت به الأرض ، وطابت نفوسهم ، وثبتت به أقدامهم . قال الجشميّ : قال القاضي : وهو أشبه بالظاهر . وقيل بالصبر وقوة القلب التي أفرغها عليهم ، حتى ثبتوا لعدوّهم . وقوله : { بِهِ } يرجع إلى الماء المنزل ، أو إلى ما تقدم من البشارة والنصر . ثم أشار تعالى إلى نعمة خفية أظهرها تعالى لهم ليشكروه عليها بقوله : { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلاۤئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي … } .