Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 19-19)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ } خطاب للمشركين ، أي : إن تطلبوا الفتح ، أي : القضاء وأن يفصل بينكم وبين أعدائكم المؤمنين ، فقد جاءكم القضاء بما سألتم . روى الإمام أحمد والنسائيّ والحاكم ، وصححه ، عن عبد الله بن ثعلبة أن أبا جهل قال ، حين التقى القوم : اللهم أقطعنا للرحِمِ ، وآتانا بما لا نعرفه ، فأحِنْهُ - أي فأهلكه - الغداة ، فكان المستفتِحَ . وعن السّدّي ، أن المشركين حين خرجوا من مكة إلى بدر : أخذوا بأستار الكعبة ، فاستنصروا الله وقالوا : اللهم انصر أعزّ الجندين ، وأكْرَمَ الفئتين ، وخيرَ القبليتين ، فقال تعالى : { إِن تَسْتَفْتِحُواْ … } الآية . وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : أن هذه الآية إخبار عنهم بما قالوا : { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ … } الآية [ الأنفال : 32 ] - قيل : في هذا الخطاب تهكم بهم ، يعني : في قوله تعالى : { فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ } ؛ لأن الذي جاءهم الهلاك والذلة . كذا في ( العناية ) . وهو مبنيّ على أن الفتح بمعنى النصر ، وله معنى آخر وهو الحكم بين الخصمين والقضاء . وبهما فسرت الآية أيضاً . { وَإِن تَنتَهُواْ } أي : عن الكفر وعداوة الرسول { فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } أي : في الدنيا والآخرة { وَإِن تَعُودُواْ } أي : لمحاربة الرسول : { نَعُدْ } أي : لنصره عليكم { وَلَن تُغْنِيَ } أي : تدفع { عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي : بالنصر . قرئ بكسر { إِن } استئنافاً ، وفتحها ، على تقدير اللام . تنبيه جُوِّز أن يكون الخطاب في قوله تعالى : { إِن تَسْتَفْتِحُواْ } للمؤمنين ، أي : إن تطلبوا النصر باستغاثتكم ربكم ، فقد حصل لكم ذلك ، فاشكروا ربكم ، والزموا طاعته . وقوله تعالى : { إِن تَنتَهُواْ } أي : عن المنازعة في أمر الأنفال ، وعن طلب الفداء على الأسرى الذين عوتبوا عليه بقوله تعالى : { لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ } [ الأنفال : 68 ] ، فقال تعالى : { وَإِن تَنتَهُواْ } - عن مثله - { فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ } إلى تلك المنازعات نعد عليكم بالإنكار ، وتهييج العدوّ ؛ لأن الوعد بنصرتكم مشروط بشرط استمراركم على الطاعة ، وترك المخالفة ، ثم لا تنفعكم الفئة والكثرة ، إذا لم يكن الله معكم بالنصر ، فإنه مع الكاملين في إيمانهم . وهذا الوجه قرره الرازيّ ونقله عن القاضيّ . قال البيضاويّ : ويؤكده الآية بعدُ ، فإن المراد بها الأمر بطاعة الرسول ، والنهي عن الإعراض عنه ، والله أعلم .