Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 83, Ayat: 1-3)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } أي : هلاك لهم . قال الأصفهاني : ومن قال : { وَيْلٌ } وادٍ في جهنم ، فإنه لم يرد أن ( ويلاً ) في اللغة هو موضوع لهذا . وإنما أراد : من قال الله تعالى ذلك فيه ، فقد استحق مقرّاً من النار . ثم بين تعالى المطففين بقوله : { ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ } أي : إذا أخذوا الكيل من الناس يأخذونه وافياً وزائداً . على إيهام أن بذلك تمام الكيل . وإذا فعلوا ذلك في الكيل الذي هو أجل مقداراً ، ففي الوزن بطريق الأوْلى . وإيثار { عَلَى } على ( من ) للإشارة إلى ما في عملهم المنكر من الاستعلاء والقهر . شأن المتغلب المتحامل المتسلط الذي لا يستبرئ لدينه وذمته { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } أي : كالوا للناس أو وزنوا لهم ، ينقصونهم حقهم الواجب لهم ، وهو الوفاء والتمام . ففيهما حذف وإيصال . قال ابن جرير : من لغة أهل الحجاز أن يقولوا : وزنتك حقك ، وكِلتك طعامك ، بمعنى وزنت لك وكلت لك . تنبيه في ( الإكليل ) : في الآية ذم التطفيف والخيانة في الكيل والوزن . أي : لأنه من المنكر فهو من المحظورات أشد الحظر ، لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل في الأخذ والدفع ، ولو في القليل . لأن من دنُؤَتْ نفسه إلى القليل دل على فساد طويته وخبث ملكته ، وأنه لا يقعده عن التوثب إلى الكثير إلا عجز أو رقابة . قال ابن جرير : وأصل التطفيف من الشيء الطفيف ، وهو القليل النزر . والمطفف : المقلل حق صاحب الحق عما له من الوفاء والتمام في كيل أو وزن . ومنه قيل للقوم الذين يكونون سواء في حسبة أو عدد : هم سواء كطف الصاع . يعني بذلك كقرب الممتلئ منه ناقص عن الملء . وقد أمر تعالى بالوفاء في الكيل والميزان . فقال تعالى في عدة آيات : { وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِٱلقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } [ الإسراء : 35 ] . وقال تعالى : { وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ } [ الرحمن : 9 ] وقص تعالى علينا أنه أهلك قوم شعيب ودمرهم على ما كانوا يبخسون الناس في الميزان والمكيال . ثم قال سبحانه متوعداً لهم : { أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ … }