Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 83, Ayat: 22-26)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } أي : عظيم دائم ، وذلك نعيمهم في الجنان { عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ } أي : على الأسرة والمتكآت ينظرون إلى ما أعطاهم الله من الكرامة وأفانين النعيم { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ } أي : بهجته ورونقه ، كما يرى على وجوه المترفهين ماؤه وحسنه { يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ } أي : خمر ، إلا أنه خص بالخالص الذي لا غش فيه ، كما قال حسان : @ يَسْقُونَ مَنْ وَرَدَ البَرِيص عليهم بَرَدَى يُصَفَّق بالرحيق السَّلْسَلِ @@ ومنه قولهم : مسك رحيق لا غش فيه ، وحسب رحيق لا شوب فيه . وقوله تعالى : { مَّخْتُومٍ } أي : ختم على أوانيه تكريما له لصيانته عن أن تمسه الأيدي على ما جرت به العادة من ختم ما يكرم ويصان { خِتَامُهُ مِسْكٌ } . قال القفال : أي : الذي يختم به رأس قارورة ذلك الرحيق ، هو المسك ، كالطين الذي يختم به رؤوس القوارير فكأن ذلك المسك رطب ينطبع فيه الخاتم . وعن بعض السلف واللغويين : المختوم الذي له ختام أي : عاقبة ، وقد فسرت بالمسك . أي من شربه كان ختم شربه على ريح المسك . والقصد لذة المقطع بذكاء الرائحة وأرجها ، على خلاف خمر الدنيا الخبيثة الطعم والرائحة { وَفِي ذَلِكَ } أي : النعيم المنوه به وما تلاه { فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَافِسُونَ } أي : فليرغب الراغبون بالاستباق إلى طاعة الله تعالى . قال ابن جريرِ : التنافس : أن ينفس الرجل على الرجل بالشيء يكون له ، ويتمنى أن يكون له دونه . وهو مأخوذ من الشيء النفيس ، وهو الذي تحرص عليه نفوس الناس وتطلبه وتشتهيه . وكأن معناه في ذلك : فليجد الناس فيه وإليه ، فليستبقوا في طلبه ولتحرص عليه نفوسهم . وقال الرازيِ : إن مبالغته تعالى في الترغيب فيه تدل على علوّ شأنه . وفيه إشارة إلى أن التنافس يجب أن يكون في مثل ذلك النعيم العظيم الدائم ، لا في النعيم الذي هو مكدر سريع الفناء .