Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 85, Ayat: 17-22)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْجُنُودِ } أي : الذين تجندوا على الرسل بأذاهم . قال ابن جرير : أي : قد أتاك ذلك ، وعلمته ، فاصبر لأذى قومك وإياك ، لما نالوك به من مكروه ، كما صبر الذين تجند هؤلاء الجنود عليهم من رسلي ، ولا يثنينك عن تبليغهم رسالتي ، كما لم يثن الذين أرسلوا إلى هؤلاء . فإن عاقبة من لم يصدقك ويؤمن بك منهم ، إلى عطب وهلاك . كالذي كان من هؤلاء الجنود ، فالجملة - كما قال أبو السعود - استئناف مقرر لشدة بطشه تعالى بالظلمة العصاة ، والكفرة العتاة . وكونه ( فعالا لما يريد ) متضمن لتسليته عليه الصلاة والسلام بالإشعار بأنه سيصيب قومَه ما أصاب الجنود . وقوله تعالى : { فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ } بدل من ( الجنود ) لأن المراد بفرعون هو وقومه ، واكتفى بذكره عنهم لأنهم أتباعه . والمراد بحديثهم ما صدر عنهم من التمادي في الكفر والضلال ، وما حل بهم من العذاب والنكال . { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي تَكْذِيبٍ } أي : للحق والوحي ، مع وضوح آياته وظهور بيناته ، عناداً وبغياً . والإضراب انتقاليّ للأشد ، كأنه قيل : ليس حال فرعون وثمود بأعجب من حال قومك . فإنهم مع علمهم بما حل بهم ، لم ينزجروا . وفي جعلهم { فِي تَكْذِيبٍ } إشارة إلى تمكنه من أنفسهم ، وأنه لشدته أحاط بهم إحاطة الظرف بمظروفه أو البحر بالغريق فيه ، مع ما في تنكيره من الدلالة على تعظيمه وتهويله . { وَٱللَّهُ مِن وَرَآئِهِمْ مُّحِيطٌ } أي : محص عليهم أعمالهم . لا يخفى عليه منها شيء وهو مجازيهم على جميعها . فاللفظ كناية عما ذكر . أو المراد وصف اقتداره عليهم ، وأنهم في قبضته وحوزته ، كالمحاط إذا أحيط به من ورائه ، فسدّ عليه مسلكه فلا يجد مهربا . ففيه استعارة تمثيلية . قال الشهاب : وفيه تعريض توبيخي لهم بأنهم نبذوا الله وراء ظهورهم ، وأقبلوا على الهوى والشهوات بوجوه انهماكهم . وقوله تعالى : { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ } أي : سام شريف لا يماثل في أسلوبه وهدايته { فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ } قرئ بالرفع صفة ( لقرآن ) والجر صفة للوح . قال ابن جرير : والمعنى على الأولى محفوظ من التغيير والتبديل في لوح . وعلى الثانية محفوظ من الزيادة فيه والنقصان منه ، عما أثبته الله فيه . و { بَلِ } إضراب عن شدة تكذيبهم وعدم كفهم عنه ، إلى وصف القرآن بما ذكر ؛ للإشارة إلى أنه لا ريب فيه ولا يضره تكذيب هؤلاء . فإنه تعالى تولى حفظه وظهوره أبد الآبدين .