Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 88, Ayat: 1-9)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَاشِيَةِ } أي : خبرها وقصتها ، وهي القيامة ، وأصل الغاشية : الداهية التي تغشى الناس بشدائدها . والاستفهام للتعظيم والتعجب مما في حيزه ، مع تقريره { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ } أي : ذليلة . وهي وجوه أهل الكفر بالحق والجحود له . والمراد بالوجوه : الذوات { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } قال القاشاني : أي : تعمل دائبا أعمالاً صعبة تتعب فيها ، كالهوى في دركات النار ، والارتقاء في عقباتها ، وحمل مشاق الصور والهيئات المتعبة المثقلة ، من آثار أعمالها . أو عاملة من استعمال الزبانية إياها في أعمال شاقة فادحة من جنس أعمالها التي ضريت بها في الدنيا ، وأتعابها فيها من غير منفعة لهم منها إلا التعب والعذاب . وجوز أن يكون { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } : إشارة إلى عملهم في الدنيا . أي : عملت ونصبت في أعمال لا تجدي عليها في الآخرة . فيكون بمنزلة حابطة أعمالها . أو جعلت أعمالها هباءً منثوراً كما يدل عليه آيات أخر ، ويؤيده مقابلة هذه الآية ، لقوله في أهل الجنة : { لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ } [ الغاشية : 9 ] وذلك السعي هو الذي كان في الدنيا . والله أعلم { تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً } أي : تدخل ناراً متناهية في الحرارة . قال القاشاني : أي مؤذية مؤلمة بحسب ما تزاولها في الدنيا من الأعمال { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } أي : بلغت غايتها في شدة الحر { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } وهو من جنس الشوك ، ترعاه الإبل ما دام رطباً . فإذا يبس تحامته ، وهو سم قاتل . قال ابن جرير : الضريع عند العرب : نبت يقال له الشبرق ، وتسميه أهل الحجاز : الضريع إذا يبس . ولا منافاة بين هذه الآية وآية : { وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } [ الحاقة : 36 ] ؛ لأن العذاب ألوان ، والمعذبون طبقات ، فمنهم أكلة الزقوم ، ومنهم أكلة الغسلين ، ومنهم أكلة الضريع . وقيل : الضريع مجاز أو كناية ، أريد به طعام مكروه حتى للإبل التي تلتذ برعي الشوك ، فلا ينافي كونه زقوماً أو غسلينا { لاَّ يُسْمِنُ } أي : لا يخصب البدن { وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ } أي : لا يسكن داعية النفس ولا نهمها من أجله { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ } أي : ذات حسن ، على أنه من النعومة ، كناية عن حسن المنظر . أو ناعمة بمعنى متنعمة ، على أنه من النعيم { لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ } أي : لعملها الذي عملته في الدنيا ، وجدّها في طريق البر واكتساب الفضائل ، شاكرة لا تندم ولا تتحسر .