Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 18-18)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَىٰ ٱلزَّكَٰوةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ } أي : لم يعبد إلا الله { فَعَسَىٰ أُوْلَـٰئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ } أي : إلى الجنة . وإبراز اهتدائهم مع ما بهم من الصفات السنية ، في معرض التوقع ، لقطع أطماع الكفرة عن الوصول إلى مواقف الاهتداء ، والانتفاع بأعمالهم التي يحسبون أنهم في ذلك محسنون ، ولتوبيخهم بقطعهم أنهم مهتدون ، فإن المؤمنين ، ما بهم من هذه الكمالات ، إذا كان أمرهم دائراً بين ( لعلّ وعسى ) ، فما بال الكفرة وهم هم ، وأعمالهم أعمالهم ! ! وفيه لطف للمؤمنين ، وترغيب لهم في ترجيح جانب الخوف على جانب الرجاء ، ورفض الاغترار بالله تعالى - كذا حرره أبو السعود . وقال الناصر : وأكثرهم يقول : إن " عسى " من الله واجبة ، بناء منهم على أن استعمالها غير مصروفة للمخاطبين . والحق أن الخطاب مصروف إليهم ، كما قال الزمخشريّ ، أي : فحال هؤلاء المؤمنين حال مرجوّة العاقبة عند الله معلومة ، ولله عاقبة الأمور . تنبيهات الأول : قال الزمخشريّ : ( العمارة ) تتناول رمّ ما استرم منها وقمّها ، وتظيفها وتنويرها بالمصابيح وتعظيمها للعبادة والذِّكر ، ومن الذكر درس العلم ، بل هو أجلّه وأعظمه ، وصيانتها مما لم تبن له المساجد من أحاديث الدنيا ، فضلاً عن فضول الحديث . روى البخاريّ ومسلم عن أبي هريرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " من غدا إلى المسجد أو راح ، أعدّ الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح " . ورويا أيضاً عن عثمان بن عفان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من بنى لله مسجداً يبتغي به وجه الله تعالى ، بنى الله له بيتاً في الجنة " . وأخرج الترمذيّ عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد ، فاشهدوا له بالإيمان ، قال الله تعالى : { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ … } الآية " . الثاني : إنما لم يذكر الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم لدخوله في الإيمان بالله ، فتُرك للمبالغة في ذكر الإيمان بالرسالة ، دلالة على أنهما كشيء واحد ، إذا ذكر أحدهما فهم الآخر ، على أنه أشير بذكر المبدأ والمعاد إلى الإيمان بكل ما يجب الإيمان به ، ومن جملته رسالته صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى : { آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } [ البقرة : 8 ] . كذا في ( العناية ) . الثالث : في تخصيص الصلاة والزكاة بالذكر ، تفخيم لشأنهما وحث على التنبه لهما . الرابع : دلت الآيتان على أن عمل الكفار محبط لا ثواب فيه .