Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 49-49)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي } أي : في القعود { وَلاَ تَفْتِنِّي } أي : لا توقعني في الفتنة . روي عن مجاهد وابن عباس أنها نزلت في الجدّ بن قيس ، أخي بني سلمة ، وذلك فيما رواه محمد بن إسحاق ؛ " أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال له ذات يوم وهو في جهازه : " هل لك يا جدّ في جلاد بني الأصفر ؟ " فقال : يا رسول الله ، أو تأذن لي ولا تفتنِّي ؟ فوالله ، لقد عرف قومي ما رجل أشد عجباً بالنساء مني ، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر ، ألا أصبر عنهن ، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " قد أذنت لك ! " " . قال الشهاب : يعني أنه يخشى العشق لهن ، أو مواقعتهن من غير حلّ . وبنات الأصفر : الروم ، كبني الأصفر . وقيل في وجه التسمية وجوه : منها أنهم ملكهم بعض الحبشة ، فتولد بينهم نساء وأولاد ذهبية الألوان . انتهى . قال ابن كثير : كان الجدّ بن قيس هذا من أشراف بني سلمة . وفي الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : " من سيدكم يا بني سلمة ؟ " قالوا : الجدّ بن قيس ؟ على أنا نبخله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وأي داء أدوأ من البخل ؟ ولكن سيّدكم الفتى الجعد الأبيض ، بشر بن البراء بن معرور " " . وقوله تعالى : { أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ } قال أبو السعود : أي : في عينها ونفسها ، وأكمل أفرادها ، الغنيّ عن الوصف بالكمال ، الحقيق باختصاص اسم الجنس به ، سقطوا . لا في شيء مغاير لها ، فضلاً عن أن يكون مهرباً ومخلصاً عنها . وذلك بما فعلوا من العزيمة على التخلف ، والجرأة على الاستئذان بهذه الطريقة الشنيعة ، ومن القعود بالإذن المبنيّ عليه ، وعلى الاعتذارات الكاذبة ، وقرئ بإفراد الفعل ، محافظة على لفظ ( من ) . وفي تصدير الجملة بحرف التنبيه ، مع تقديم الظرف ، إيذان بأنهم وقعوا فيها ، وهم يحسبون أنها منجى من الفتنة ، زعماً منهم أن الفتنة إنما هي التخلف بغير إذن . وفي التعبير عن ( الافتتان ) بالسقوط في الفتنة ، تنزل لها منزلة المهواة المهلكة ، المفصحة عن تردّيهم في درجات الردى أسفل سافلين . انتهى . { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ } أي : ستحيط بهم يوم القيامة ، فلا محيد لهم عنها ولا مهرب ، وهذا وعيد لهم على ما فعلوا . ثم بيّن عداوتهم ، زيادة في تشهير مساوئهم ، بقوله سبحانه : { إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا … } .