Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 69-69)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } أي : أنتم مثل الذين أو فعلتم مثلهم ، أي : ممن أنعم عليهم ثم عذبوا ، والالتفات من الغيبة إلى الخطاب للتشديد { كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً } في أنفسهم { وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً } أي : تفيدهم مزيد قوة ، ومنافع جمة { وَأَوْلاَداً } أي : تفيدهم مزيد قوة لا تفوت بفوات المال ، ومنافع أخر { فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ } أي : انتفعوا بنصيبهم ، ثم أعطاكم أيها المنافقون أقل مما أعطاهم { فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ } أي : دخلتم في الباطل ، كالخوض الذي خاضوه ، أو كالفوج الذي خاضوا { أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدنْيَا وَٱلآخِرَةِ } أي : لم يستحقوا عليها ثواباً في الدارين ، أم في الآخرة فظاهر ، وأما في الدنيا فما لهم من الذل والهوان وغير ذلك { وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } أي : الذين خسروا الدارين . روى ابن جريج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " والذي نفسي بيده ! لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع ، وباعاً بباع ، حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتموه " . قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ أهل الكتاب ؟ قال : " فمن ؟ " وفي رواية قال أبو هريرة : اقرؤوا إن شئتم القرآن : { كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ … } الآية ( قال أبو هريرة : الخَلاقُ : الدين ) قالوا : يا رسول الله كما صنعت فارس والروم ؟ قال : " فهل الناس إلا هم ؟ " وهذا الحديث له شاهد في الصحيح - أفاده ابن كثير . لطيفة قال الزمخشريّ : فإن قلت : أي : فائدة في قوله : { فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ } ؟ وقوله : { كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ } مغن منه ، كما أغنى قوله : { كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ } عن أن يقال : وخاضوا فخضتم كالذي خاضوا ؟ قلت : فائدته أن يذم الأولين بالاستمتاع بما أوتوا من حظوظ الدنيا ، ورضاهم بها ، والتهائهم بشهواتهم الفانية عن النظر في العاقبة ، وطلب الفلاح في الآخرة ، وأن يخسس أمر الاستمتاع ، ويهجن أمر الراضي به ، ثم يشبه بعد ذلك حال المخاطبين بحالهم ، كما تريد أن تنبه بعض الظلمة على سماحة فعله فتقول : أنت مثل فرعون ، كان يقتل بغير جرم ، ويعذب ويعسف ، وأنت تفعل مثل فعله . وأما { وَخُضْتُمْ كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ } فمعطوف على ما قبله مستند إليه ، مستغن ، باستناده إليه ، عن تلك التقدمة . ثم وعظ تعالى المنافقين بقوله : { أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَٰهِيمَ وَأَصْحَـٰبِ … } .