Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 91, Ayat: 13-15)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ } يعني : صالحاً عليه السلام لقومه { نَاقَةَ ٱللَّهِ وَسُقْيَاهَا } أي : احذروا واتقوا ناقة الله التي جعلها آية بينة وشربَها الذي اختصه الله به في يومها . وكان عليه السلام تقدم إليهم عن أمر الله أن للناقة شرب يوم ولهم شرب يوم آخر ، غير يوم الناقة . كما بينته آية الشعراء . قال : { قَالَ هَـٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ * وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [ الشعراء : 155 - 156 ] أي : لا تؤذوا الناقة ولا تتعدوا عليها في شربها ويوم شربها { فَكَذَّبُوهُ } أي : فيما حذرهم منه من حلول العذاب إن فعلوا { فَعَقَرُوهَا } أي : قتلوها . قال في النهاية : أصل العقر ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف وهو قائم . ثم اتسع حتى استعمل في القتل والهلاك . وذلك أنهم أجمعوا على منعها الشرب ورضوا بقتلها . وعن رضا جميعهم قتلها قاتلها وعقرها من عقرها . ولذلك نسب التكذيب والعقر إلى جميعهم { فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ } أي : أهلكهم وأزعجهم بسبب كفرهم به وتكذيبهم رسوله وعقرهم ناقته ، استهانة به واستخفافاً بما بعث به . وقيل : دمدم : أطبق عليهم العذاب . وقيل : الدمدمة حكاية صوت الهدة { فَسَوَّاهَا } أي : فسوى الدمدمة عليهم جميعاً ، فلم يفلت منهم أحد . بمعنى : جعلها سواء بينهم أو الضمر لثمود ، أي : جعلها عليهم سواء { وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا } أي : لا يخشى تبعة إهلاكهم لأنه العزيز الذي لا يغالب . قال الشهاب : أي : لا يخاف عاقبتها كما يخاف الملوك عاقبة ما تفعله . فهو استعارة تمثيلية لإهانتهم وأنهم أذلاء عند الله . فالضمير في { يَخَافُ } لله وهو الأظهر . ويجوز عوده للرسول صلى الله عليه وسلم . أي أنه لا يخاف عاقبة إنذاره لهم وهو على الحقيقة ، كما إذا قيل : الضمير للأشقى أي أنه لا يخاف عاقبة فعله الشنيع . والواو للحال أو الاستئناف . تنبيه قال ابن القيم في ( مفتاح دار السعادة ) : المقصود أن الآية أوجبت لهم البصيرة فآثروا الضلالة والكفر عن علم ويقين ؛ ولهذا - والله أعلم ، ذكر قصتهم من بين قصص سائر الأمم في سورة { وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا } [ الشمس : 1 ] لأنه ذكر فيها انقسام النفوس إلى الزكية الراشدة المهتدية ، وإلى الفاجرة الضالة الغاوية . وذكر فيها الأصلين : القدر والشرع . فقال : { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } [ الشمس : 8 ] فهذا قدره وقضاؤه ثم قال : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } [ الشمس : 9 - 10 ] فهذا أمره ودينه . وثمود ، هداهم فاستحبوا العمى على الهدى . فذكر قصتهم ليبين سوء عاقبة من آثر الفجور على التقوى ، والتدسية على التزكية . والله أعلم .