Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 89, Ayat: 15-23)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ } وهو المشرك { إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ } أي وسع عليه من الدنيا { فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ } أي فضلني { وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ فَقَدَرَ } فقتر { عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَهَانَنِ * كَلاَّ } قال الحسن أكذبهما جميعا بقوله { كَلاَّ } ومعناها لا أي لا بالغنى أكرمت ولا بالفقر أهنت . قال محمد ذكر ابن مجاهد أن قراءة نافع أكرمني وأهانني بياء في الوصل . { بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ } يقوله للمشركين { وَلاَ تَحَآضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } وذلك أن المشركين كانوا يقولون أنطعم من لو يشاء الله أطعمه { وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً } أي لا تبالون من حرام أو حلال . قال محمد لما شديدا وهو من قولك لممت الشيء إذا جمعته والتراث أصله الوارث من ورثت التاء فيه منقلبة عن واو يقال إنه أراد تراث اليتامى . { وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً } كثيرا { كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ ٱلأَرْضُ دَكّاً دَكّاً } أي : صارت مستوية قال محمد معنى دكت دقت جبالها وأنشازها حتى استوت . { وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً } تفسير السدي يعني صفوف الملائكة كل أهل سماء على حدة . قال يحيى وحدثني رجل من أهل الكوفة عن ليث عن شهر بن حوشب قال إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم العكاظي ثم يحشر الله فيها الخلائق من الجن والإنس ثم أخذوا مصافهم من الأرض ثم ينزل أهل السماء الدنيا بمثل من في الأرض وبمثلهم معهم من الجن والإنس حتى إذا كانوا على رءوس الخلائق أضاءت الأرض لوجوههم وخر أهل الأرض ساجدين وقالوا أفيكم ربنا قالوا ليس فينا وهو آت ثم أخذوا مصافهم من الأرض ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثل من في الأرض من الجن والإنس والملائكة الذين نزلوا قبلهم ومثلهم معهم حتى إذا كانوا مكان أصحابهم أضاءت الأرض لوجوههم وخر أهل الأرض ساجدين وقالوا أفيكم ربنا قالوا ليس فينا وهو آت ثم أخذوا مصافهم من الأرض ثم ينزل أهل السماء الثالثة بمثل من في الأرض من الجن والإنس والملائكة الذين نزلوا قبلهم ومثلهم معهم حتى إذا كانوا مكان أصحابهم أضاءت الأرض لوجوههم وخر أهل الأرض ساجدين ل وقالوا أفيكم ربنا قالوا ليس فينا وهو آت وينزل أهل السماء الرابعة على قدرهم من التضعيف ثم ينزل أهل السماء الخامسة على قدر ذلك من التضعيف ثم ينزل أهل السماء السادسة على قدر ذلك من التضعيف ثم ينزل أهل السماء السابعة على قدر ذلك من التضعيف حتى ينزل الجبار تبارك وتعالى قال { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } [ الحاقة : 17 ] تحمله الملائكة على كواهلها بأيد وقوة وحسن وجمال حتى إذا جلس على كرسيه ونادى بصوته لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد فيرد على نفسه { لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } [ غافر : 16 ، 17 ] . وقوله { وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ } يحيى عن أبان بن أبي عياش عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال يجيء الرب يوم القيامة في ملائكة السماء السابعة وهم الكروبيون لا يعلم عددهم إلا الله فيؤتى بالجنة مفتحة أبوابها يراها كل بر وفاجر عليها ملائكة الرحمة حتى توضع عن يمين العرش فيوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام قال ويؤتى بالنار تقاد بسبعين ألف زمام يقود كل زمام سبعون ألف ملك مصفدة أبوابها عليها ملائكة سود معهم السلاسل الطوال والأنكال الثقال وسرابيل القطران ومقطعات النيران لأعينهم لمع كالبرق ولوجوههم لهب كالنار شاخصة أبصارهم لا ينظرون إلى ذي العرش تعظيما له فإذا أدنيت النار فكان بينها وبين الخلائق مسيرة خمسمائة عام زفرت زفرة لم يبق أحد إلا جثا على ركبتيه وأخذته الرعدة وصار قلبه معلقا في حنجرته فلا يخرج ولا يرجع إلى مكانه وذلك قوله : { إِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ } [ غافر : 18 ] . فينادي إبراهيم رب لا تهلكني بخطيئتي وينادي نوح ويونس وتوضع النار عن يسار العرش ثم يؤتى بالميزان فيوضع بين يدي الجبار تبارك وتعالى ثم يدعى الخلائق للحساب . قوله { يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ } أي يتوب وهو المشرك { وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } أي وكيف له التوبة وهي لا تقبل يوم القيامة .