Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 3-5)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } وقد ذكرناه ثم قال { يُدَبّرُ ٱلأمْرَ } يعني يقضي القضاء وينظر في تدبير الخلق . وروى الأعمش عن عمرو بن مرة عن ابن سابق قال : يدبر أمر الدنيا أربعة : جبريل وميكاييل وملك الموت وإسرافيل . أما جبريل فعلى الرياح والوحي والجنود ، وأما ميكاييل فعلى النبات والمطر ، وأما ملك الموت فعلى الأنفس ، وأما إسرافيل فينزل إليهم بما يؤمرون { مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ } لأن الكفار كانوا يعبدون الأصنام ويقولون هم شفعاؤنا عند الله . وبعضهم كانوا يعبدون الملائكة . فأخبر الله تعالى أنه لا شفاعة لأحد إلاَّ بإِذن الله تعالى . ويقال : ما من شفيع إلا من بعد إذنه يعني لا يشفع أحد لأحد يوم القيامة من الملائكة ولا من المرسلين إلا من بعد إذنه في الشفاعة لهم { ذَلِكُـمُ ٱللَّهُ رَبُّـكُمْ } يعني الذي يفعل هذا من خلق السموات والأرض وتدبير الخلق هو ربكم وخالقكم { فَٱعْبُدُوهُ } فدل أولاً على وحدانيته [ وتدبيره ] ثم أمرهم بالتوحيد والطاعة فقال { فَٱعْبُدُوهُ } يعني وحدوه وأطيعوه { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } يعني أفلا تتعظون بالقرآن . ويقال أفلا تتعظون بأن لا تعبدوا من لا يملك شيئاً وتعبدون من يملك الدنيا وما فيها . قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص تَذَكَّرُونَ بالتخفيف . وقرأ الباقون بالتشديد ، لأن أصله تتذكرون فأدغم إحدى التاءين في الذال وأقيم التشديد مقامه . ثم خوفهم فقال { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً } يعني مرجع الخلائق كلهم يوم القيامة { وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً } يعني البعث كائناً وصدقاً . وقال الزجاج : { وَعَدَ ٱللَّهُ } صار نصباً على معنى وعدكم الله وعداً ، لأن قوله إليه مرجعكم معناه الوعد بالرجوع { إِنَّهُ يَبْدَؤُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } قال أهل اللغة الياء صلة ومعناه إنه بدأ الخلق ثم يعيده يعني خلق الخلق في الدنيا ثم يحييهم بعد الموت يوم القيامة { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } يعني لكي يثبت الذين آمنوا بالبعث [ بعد الموت ] { وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ بِٱلْقِسْطِ } يعني عملوا الطاعات بالعدل . وقال الضحاك : يعني الذين قاموا بالعدل وأقاموا على توحيده ، يعطيهم من رياض الجنة حتى يرضوا { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني ويجزي الذين كفروا . ثم بين جزاءهم فقال { لَهُمْ شَرَابٌ مّنْ حَمِيمٍ } يعني ماءً حاراً قد انتهى حره { وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } يعني يجحدون الرسالة والكتاب . ثم ذكَّرهم النعم لكي يستحيوا منه ولا يعبدوا غيره فقال تعالى { هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَاءً } بالنهار { وَٱلْقَمَرَ نُوراً } بالليل . ويقال جعل الشمس ضياء مع الحر والقمر نوراً بلا حر { وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ } يعني جعل الليل والنهار منازل ، يزيد أحدهما وينقص الآخر ولا يجاوزان المقدار الذي قدره ويقال قدره يعني القمر منازل كل ليلة بمنزلة من النجوم وهي ثمانية وعشرون منزلاً في كل شهر . وهذا كقوله { وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَـٰهُ مَنَازِلَ } [ يس : 39 ] { لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسّنِينَ وَٱلْحِسَابَ } يعني لتعلموا بالقمر حساب السنين والشهور ، كقوله تعالى { يَسْألُونَكَ عَنِ ٱلأَهِلَّةِ قُلْ هِىَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ } [ البقرة : 189 ] . ثم قال { مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } يعني لتعلموا عدد السنين والحساب وتعتبروا وتعلموا أن له خالقاً ومدبراً وهو قادر على أن يحيي الموتى . ثم قال { يُفَصِّلُ ٱلآيَـٰتِ } يعني يبين العلامات يعني علامة وحدانيته { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } يعني : لمن كان له عقل وذهن وتمييز . قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية حفص يُفَصّلُ الآيات بالياء . وقرأ الباقون بالنون ومعناهما قريب .