Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 45-48)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبّ إِنَّ ٱبْنِى مِنْ أَهْلِى } فإنك قد وعدتني أن تنجيهم من العذاب { وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ } يعني أنت الصادق في وعدك { وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَـٰكِمِينَ } يعني أعدل العادلين { قَالَ يٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } الذي وعدتك أن أنجيهم . وروي عن الحسن أنه قال : إنه تخلف لأنه لم يكن ابن نوح . وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : كنت عند الحسن . قال : ونادى نوح ابنه ، فقال لعمر الله ما هو ابنه . قلت يا أبا سعيد يقول الله تعالى { وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ } وأنت تقول هو ليس بابنه ، قال أفرأيت قوله : { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } . قلت إنه ليس من أهلك الذي وعدتك أن أنجيهم . ( ولا يختلف ) أهل الكتاب أنه ابنه . قال إن أهل الكتاب يكذبون . وروي عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة أنه ابنه غير أنه خالفه في العمل . وقال بعض الحكماء إن الابن إذا لم يفعل ما يفعل الأب انقطع عنه ، والأمة إذا لم يفعلوا ما فعل نبيهم أخاف أن ينقطعوا عنه . ثم قال { إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَـٰلِحٍ } قرأ الكسائي . إنه عَمِلَ غَيْرَ صَالح بكسر الميم ونصب الراء . وروت أم سلمة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقرأ هكذا ومعناه إن ابنك عمل عمل المشركين ولم يعمل عمل المؤمنين . وقرأ الباقون " عَمَلٌ غَيْرُ " بالتنوين والضم وضم الراء . ومعناه إن سؤالك ودعاءك لابنك الكافر عمل غير صالح { فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } يعني بياناً . وقرأ أهل الكوفة فلا تسألن بتخفيف النون بغير ياء لأن الكسر يقوم مقام الياء . وروي عن أبي عبيدة أنه قال : رأيت في مصحف عثمان هكذا . وقرأ أبو عمرو " فَلاَ تَسْأَلْنِي " بإثبات الياء بغير تشديد وهو الأصل في اللغة . وقرأ ابن كثير " فَلاَ تَسْأَلَنَّ " بنصب النون والتشديد بغير ياء ويكون معناه التأكيد في النهي . وقرأ ابن عامر ونافع في رواية قالون " فلا تسألنِّ " بالكسر بغير ياء مع التشديد . وقرأ نافع في رواية ورش " فلا تسألنيِّ " بالياء مع التشديد ثم قال { إِنّى أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَـٰهِلِينَ } أي : أنهاك أن تكون من الجاهلين يعني من يترك أمري . ويقال من المكذبين يقدر الله تعالى { قَالَ } نوح عليه السلام { رَبّ إِنّى أَعُوذُ بِكَ } يعني اعتصم وامتنع بك { أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِى بِهِ عِلْمٌ } يعني احفظني بعد اليوم لكيلا أسألك ما ليس به علم { وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِى وَتَرْحَمْنِى } يعني إن لم تغفر لي ولم ترحمني { أَكُن مّنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } قوله تعالى : { قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلَـٰمٍ مّنَّا } يعني : انزل من السفينة مسلماً من عذابنا وغرقنا . ويقال بسلام عليك كما قال { سَلَـٰمٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِى ٱلْعَـٰلَمِينَ } [ الصافات : 79 ] ، { وَبَركَـٰتٍ } يعني وسعادات { عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مّمَّن مَّعَكَ } يعني : الذين كانوا في السفينة معه { وَأُمَمٌ سَنُمَتّعُهُمْ } يعني من كان من أهل الشقاء سنمتعهم في الدنيا { ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } يصيبهم في الآخرة . وقَال مقاتل : اهبط من السفينة بسلام منا . فسلمه الله ومن معه من الغرق وبركات عليك وعلى أُمم ممن معك . يعنى بالبركة إنهم توالدوا وكثروا وأمم سنمتعهم ، وهم قوم هود وشعيب ولوط . وقال محمد بن كعب القرظي في قوله : { ٱهْبِطْ بِسَلَـٰمٍ مّنَّا وَبَركَـٰتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } قال : دخل في السلام والبركة كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة . ودخل في المتاع والعذاب كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة . ويقال إنهم لما خرجوا من السفينة بنوا مدينة وسموها مدينة ثمانين . ويقال ماتوا كلهم ولم يكن منهم نسل إلا من أولاد نوح وكان له ثلاثة بنين سام وحام ويافث سوى الذي غرق . كما قال في موضع آخر { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَـٰقِينَ } [ الصافات : 77 ] .