Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 19-25)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبّكَ ٱلْحَقُّ } يعني يعلم أن القرآن الذي أنزل من الله تعالى هو الحق { كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ } يعني كمن هو لا يعلم . ويقال أفمن يعلم أن ما ذكر من المثل حق كمن لا يعلم وهذا كقوله { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ } [ البقرة : 26 ] يعني المثل ، ويقال أفمن يرغب في الحق حتى يعلم أن ما أنزل إليك من ربك هو الحق كمن هو أعمى . يعني كمن لا يرغب فيه { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو ٱلأَلْبَـٰبِ } يعني يتعظ بما أنزل إليك من القرآن ذوو العقول من الناس وهم المؤمنون . ثم وصفهم فقال { ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ } يعني العهد الذي بينهم وبين الله تعالى والعهد الذي بينهم وبين الناس { وَلاَ يِنقُضُونَ ٱلْمِيثَـٰقَ } يعني الميثاق الذي أخذ عليهم يوم الميثاق . ويقال يعني : أهل الكتاب ، الميثاق الذي أخذ عليهم في كتابهم . قوله { وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } يعني : يصلون الأرحام ولا يقطعونها . وقال يعني : الإيمان بجميع الأنبياء { وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } يعني يمتنعون عما نهاهم الله تعالى عنه . والخشية من الله الامتناع عن المحرمات والمعاصي { وَيَخَافُونَ سُوء الحِسَابِ } يعني شدته { وَالَّذِينَ صَبَرُواْ } يعني صبروا عن المعاصي وصبروا عن أداء الفرائض وصبروا على المصائب والشدائد وصبروا على أذى الكفار والمنافقين { ٱبْتِغَاء وَجْهِ رَبّهِمْ } يعني : صبروا على طلب مرضاة الله تعالى { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } يعني : أتموها بركوعها وسجودها في مواقيتها { وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } يعني : من الأموال { سِرّاً وَعَلاَنِيَةً } يعني يتصدقون في الأحوال كلها ظاهراً وباطناً . ويقال مرة يتصدقون سراً مخافة الرياء ومرة يتصدقون علانية لكي يقتدى بهم . ويقال يتصدقون صدقة التطوع في السر وزكاة الفريضة علانية { وَيَدْرَءُونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيّئَةَ } يقول : يدفعون بالكلام الحسن السيئة . يعني : الكلام القبيح فهذا كله صفة ذوي الألباب وهم الذين استجابوا لربهم ، ثم بين ثوابهم ومرجعهم في الآخرة فقال : { أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } يعني : لهم الجنة وهم المهاجرون والأنصار ومن كان في مثل حالهم إلى يوم القيامة . فقال تعالى : { جَنَّـٰتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ } يعني : ومن آمن وأطاع الله تعالى : { مِنْ ءابَائِهِمْ وَأَزْوٰجِهِمْ وَذُرّيَّـٰتِهِمْ } يدخلون أيضاً جنات عدن وهذا كقوله : { أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } [ الطور : 21 ] { وَالمَلَـٰئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ } ويسلمون عليهم ويقولون { سَلَـٰمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ } على أمر الله تعالى وطاعته { فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } يعني نعم العاقبة الجنة . فقد بين حال الذين استجابوا لربهم والذين يعلمون أن الذي أنزل إليك هو الحق . ثم بين حال الذين لم يستجيبوا له وهم الذين ينقضون الميثاق فقال تعالى : { وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَـٰقِهِ } يعني : من بعد تأكيده وتغليظه ، يعني : بعد إقرارهم بالتوحيد يوم الميثاق { وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } يعني : الأرحام . ويقال الإيمان بالنبيين { وَيُفْسِدُونَ فِى ٱلأَرْضِ } بالدعاء إلى عِبادة غير الله تعالى : { أُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ } يعني يلعنهم في الدنيا والآخرة { وَلَهُمْ سُوءُ ٱلدَّارِ } يعني : سوء المرجع . ويقال : لهم اللعنة . يعني هم مطرودون من رحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة { وَلَهُمْ سُوء ٱلدَّارِ } يعني عذاب النار في الآخرة .