Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 31-31)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ } وذلك أن عبد الله بن أمية وغيره من كفار مكة قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - سيرت لنا جبال مكة ذهباً وفضة حتى نعلم أنك صادق في مقالتك . أو قرب أسفارنا كما فعل سليمان بن داود بريحه أو كلم موتانا كما فعل عيسى بن مريم بدعائه . فنزل { وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ } عن أماكنها { أَوْ قُطّعَتْ بِهِ ٱلأَرْضُ } غدوها شهر ورواحها شهر { أَوْ كُلّمَ بِهِ ٱلْمَوْتَىٰ } فلم يذكر جوابه لأن في الكلام دليلاً عليه . يعني : لو فعلنا بقرآن قبل قرآن محمد - صلى الله عليه وسلم - لفعلنا ذلك بقرآن محمد - صلى الله عليه وسلم - ويقال لو فعل أحد من الأنبياء ما تسألوني لفعلت لكم ولكن الأمر إلى الله تعالى إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل . فذلك قوله تعالى : { بَل للَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعًا } ويقال : معناه : ولو أن قرآناً سيرت به الجبال عن أماكنها أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى لم يؤمنوا به . وهذا كقوله : { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَىْءٍ قُبُلاً } [ الأنعام : 111 ] الآية إلى قوله : { مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ } [ الأنعام : 111 ] . بَل للَّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً إن شاء هدى من كان أهلاً لذلك وإن شاء لم يهد من لم يكن أهلاً لذلك . قوله تعالى : { أَفَلَمْ يَيْأَسِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } قال الحسن وقتادة : أفلم يعلم . وقال الفراء لم أجد في العربية مثل هذا . ويقال معناه أفلم يتبين للذين آمنوا وهو بلسان النخع . ويقال هو من الأياس ومعناه أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء الذين وصفهم الله تعالى بأنهم لا يؤمنون { أَن لَّوْ يَشَاء ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعًا } يعني : إنهم لم يكونوا أهلاً لذلك فلم يهدهم . وروى ابن أبان بأسناده عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقرأ " أَفلم يتبين " فقيل له أفلم ييأس الذين آمنوا . فقال إني لأَرى الكاتب كتبها وهو ناعس . وروي في خبر آخر أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس عن قوله { أَفَلَمْ يَيْأَسِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } قال أفلم يعلم . قال وهل تعرف العرب ذلك . قال ابن عباس نعم أما سمعت قول مالك بن عوف وهو يقول : @ قد يئس الأقوام أني أنا ابنه وإن كنت عن أرض العشيرة نائيا @@ ثم قال : { وَلاَ يَزَال ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني : أهل مكة { تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ } يعني : نكبة وشدة . ويقال القارعة : داهية تقرع . ويقال لكل مهلكة قارعة . ويقال نازلة تنزل لأمر شديد . فالمراد هنا سرية من سرايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تأتيهم وتصيبهم من ذلك شدة . { أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مّن دَارِهِمْ } يعني : تنزل أنت يا محمد بجماعة أصحابك قريباً من دارهم يعني من مكة . وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سار بجنوده حتى أتى عسفان ثم بعث مائتي راكب حتى انتهوا قريباً من مكة ثم قال { حَتَّىٰ يَأْتِىَ وَعْدُ ٱللَّهِ } يعني : فتح مكة . قالوا هذه الآية مدنية . ثم قال : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } أي بفتح مكة على النبي - صلى الله عليه وسلم .