Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 38-39)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ } وذلك أن اليهود عَيَّروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا لو كان هذا نبياً كما يزعم لشغلته النبوة عن تزوج النساء فنزل { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ } يا محمد { وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرّيَّةً } قال الكلبي . كان لسليمان بن داود عليه السلام ثلاثمائة امرأة مهرية وتسعمائة سرية . وكان لداود مائة امرأة . ثم قال : { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ } يعني : ليس ينبغي لرسول { أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ } إلى قومه { إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } يعني : بأمر الله تعالى ويقال : معناه ما كان يقدر أحد أن يأتي بآية من الآيات إلا بإذن الله { لِكُلّ أَجَلٍ كِتَابٌ } أي لكل أجل من آجال العباد كتاب مكتوب لا يزاد عليه ولا ينقص منه . ويقال لكل أجل وقت قد كتب . وقال الفراء هذا مقدم ومؤخر أي لكل كتاب أجل مثل قوله { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ } [ ق : 19 ] أي سكرة الحق بالموت وكذلك قال ابن عباس قوله تعالى : { يَمْحُو ٱللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ } روى ابن أبي نجيح عن مجاهد أن قريشاً لما نزلت هذه الآية { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } [ الرعد : 38 ] . قالوا ما نراك يا محمد تملك من شيء ولقد فرغ من الأمر . فنزلت هذه الآية تخويفاً ووعيداً لهم . فإنا إن شئنا أحدثنا له من أمرنا ما نشاء فيمحو الله ما يشاء ويثبت ما يشاء من أرزاق العباد ومصايبهم وما يعطيهم وما يقسم لهم . وروى وكيع عن الأعمش عن أبي وائل أنه كان يقول في دعائه . اللَّهم إن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا وإن كنت كتبتنا أشقياء فامحنا واكتبنا سعداء فإنك تمحو ما تشاء وتثبت ما تشاء وعندك أم الكتاب . وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ إلا الشقاوة والسعادة والموت والحياة . وروى منصور عن مجاهد أنه قال إلا الشقاوة والسعادة لا يتغيران . ويقال يمحو الله ما يشاء من أعمال بني آدم ما كتب الحفظة ما ليس فيه جزاء خير ولا شر ويثبت ما فيه جزاء خير أو شر . وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت إن الحفظة إذا رفعت ديوان العبد . فإن كان في أوله وآخره خير يمحو الله ما بينهما من السيئات وإن لم يكن في أوله وآخره حسنات يثبت ما فيه من السيئات . وقال مقاتل : يمحو الله يعني : ينسخ الله ما يشاء من القرآن ويثبت ويقر المحكم الناسخ ما يشاء فلا ينسخه . ويقال يمحو الله يعني : المعرفة عن ما يشاء ويثبت في قلب من يشاء . وهو مثل قوله { يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِىۤ إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ } [ الرعد : 27 ] ويقال : يقضي على العبد البلاء فيدعو العبد فيزول عنه كما روي في الخبر الدعاء يرد البلاء . ثم قال { وَعِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَـٰبِ } يعني أصل الكتاب وجملته وهو اللوح المحفوظ كتب فيه كل شيء قبل أن يخلقهم .