Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 21-22)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعاً } يقول وخرجوا من قبورهم لأمر الله تعالى . يعني القادة والأتباع اجتمعوا للحشر والحساب . وهذا كقوله { وَحَشَرْنَـٰهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } [ الكهف : 47 ] . { فَقَالَ ٱلضُّعَفَاءُ } يعني : الأتباع والسفلة { لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ } وهم القادة { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً } في الدنيا نطيعكم فيما أمرتمونا به { فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا } يقول : حاملون عنا { مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَىْءٍ قَالُواْ } يعني القادة للسفلة { لَوْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ } يعني : لو أكرمنا الله بالهدي والتوحيد لهديناكم لدينه . ويقال : معناه لو أدخلنا الله الجنة لشفعنا لكم . ثم قالت القادة للسفلة { سَوَاءٌ عَلَيْنَا } العذاب { أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } يعني : من مفر ولا ملجأ من العذاب . وروى أسباط عن السدي أنه قال : يقول أهل النار تعالوا فلنصبر لعل الله يرحمنا بصبرنا فيصبرون فلا يرحمون . فيقولون تعالوا فلنجزع لعل الله يرحمنا بجزعنا فيجزعون فلا يغني عنهم شيئاً فيقولون { سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } . قوله تعالى : { وَقَالَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لَمَّا قُضِىَ ٱلأَمْرُ } روى سفيان عن رجل عن الحسن أنه قال : إذا كان يوم القيامة ودخل أهل النار النار وأهل الجنة الجنة قام إِبليس خطيباً على منبر من نار فقال { إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ } الآية . ويقال إنهم لما دخلوا النار أقبلوا على إبليس وجعلوا يلومونه ويقولون أنت الذي أضللتنا فيرد عليهم . فبين الله تعالى رده عليهم لكيلا يغتروا به في الدنيا فذلك قوله { وَقَالَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لَمَّا قُضِىَ ٱلأَمْرُ } يعني لما فرغ من الأمر حين دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فقال إبليس لأهل النار . { إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ } يعني : البعث بعد الموت أو الجنة والنار { وَوَعَدتُّكُمْ } بأنه لا جنة ولا نار ولا بعث ولا حساب { فَأَخْلَفْتُكُمْ } فكذبتكم الوعد { وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَـٰنٍ } يعني لم يكن لي قدرة الإكراه والقهر . ويقال لم أكن ملكاً فقهرتكم على عبادتي ويقال : لم يكن لي حجة على ما قلت لكم { إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ } يعني : سوى أن دعوتكم إلى طاعتي { فَٱسْتَجَبْتُمْ لِى } يعني أجبتم لي طوعاً ختياراً { فَلاَ تَلُومُونِى } بدعوتي إياكم { وَلُومُواْ أَنفُسَكُمْ } بالإجابة { مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ } أي : بمغيثكم فأخرجكم من النار { وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِىَّ } يقول : ولا أنتم مغيثي فتخرجونني من النار { إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ } قال الكلبي : فيه تقديم وتأخير . يقول إني كفرت من قبل ( ما عذلتموني ) وكنت كافراً قبل ذلك فليس لكم عندي صراخ ولا إجابة . وقال مقاتل معناه : إني تبرأت اليوم مما أشركتموني مع الله في طاعتي من قبل في الدنيا . وقال القتبي في قوله : إني كفرت وتبرأت كقوله في سورة الممتحنة { كَفَرْنَا بِكُمْ } [ الممتحنة : 4 ] أي تبرأنا منكم وكقوله في العنكبوت { ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ } [ العنكبوت : 25 ] يعني : يتبرأ وهذا موافق لقوله تعالى : { وَيَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ } [ فاطر : 14 ] . ثم قال : { إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } يعني الكافرين لهم عذاب دائم . قرأ حمزة ( بِمُصْرِخِيِّ ) بكسر الياء وهي قراءة الأعمش . وقرأ الباقون بنصب الياء . قال أبو عبيدة : النصب أحسن والأول ما نراه إلا غلطاً . وهكذا قال الزجاج . ويقال : هي لغة لبعض العرب والنصب هي اللغة الظاهرة . قرأ أبو عمرو " أَشْرَكْتُمُونِي " بالياء عند الوصل . وقرأ الباقون بغير ياء .