Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 28-34)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْرًا } قال مقاتل : كانت النعمة أن الله أطعمهم من جوع يعني قريشاً وآمنهم من خوف . يعني من القتل ثم بعث فيهم رسولاً منهم فكفروا بهذه النعمة وبدلوها . وهم بنو أمية وبنو المغيرة { وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } يعني وأنزلوا سائر قريش دار البوار يعني : دار الهلاك بلغة عمان . أهلكوا قومهم ثم يصيرون بعد القتل إلى جهنم يوم القيامة فذلك قوله تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْرًا } ( أي غيروا نعمة الله عليهم بالكفر ) { وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } يعني : دار الهلاك { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا } هي دارهم في الآخرة . قال الكلبي أحلوا قومهم دار البوار يعني مصرعهم ببدر . { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا } يعني : يدخلونها يوم القيامة { وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } يعني : بئس المستقر جهنم . ثم قال تعالى : { وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَادًا } يعني : أي شركاء { لّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ } يعني : ليصرفوا الناس من دين الإسلام قرأ أبو عمرو وابن كثير " لِيَضِلُّوا " بنصب الياء يعني إنهم أخطأوا الطريق وضلوا . وقرأ الباقون بالضم . يعني ليصرفوا الناس عن الهدى . قال الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم - { قُلْ تَمَتَّعُواْ } يعني : عيشوا في الدنيا وتمتعوا بها { فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ } يعني : مرجعكم يوم القيامة إلى النار . قوله تعالى : { قُل لّعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } قرأ حمزة والكسائي وابن عامر ( قُل لِعِبَادِ ) بغير ياء . وقرأ الباقون " لِعِبَادِيَ " بالياء مع النصب . وأصله الياء إلا أن الكسرة تغني عن الياء . وقال بعض الحكماء شرف الله تعالى عباده بهذه الياء وهي خير لهم من الدنيا وما فيها . لأن فيه إضافة إلى نفسه والإضافة تدل على العتق . لأن رجلاً لو قال لعبده يا ابن أو يا ولد لا يعتق . ولو قال يا ولدي أو يا ابني يعتق بالإضافة إلى نفسه . فكذلك إذا أضاف الله العباد إلى نفسه فيه دليل على أن يعتقهم من النار { يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } يعني : يتمونها بركوعها وسجودها ومواقيتها { وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } من الأموال { سِرّاً وَعَلاَنِيَةً } يعني : سراً على المتعففين وعلانية على السائلين { مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ } يعني : لا فداء فيه { وَلاَ خِلَـٰلٌ } يعني لا مخالة تنفعه وهي الصداقة " لأنه " إذا نزل بهم شدة في الدنيا يعادون ويشفع خليلهم وليس في الآخرة شيء من ذلك وإنما هي أعمالهم . قرأ ابن كثير وأبو عمرو " لا بَيْعَ ولا خِلالَ " بنصب العين واللام . وقرأ الباقون بالرفع والتنوين فيهما . وهذا الاختلاف مثل قوله : { وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَـٰعَةٌ } [ البقرة : 254 ] . ثم بين دلائل وحدانيته فقال تعالى : { ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاءً } وهو المطر { فَأَخْرَجَ بِهِ } يعني : فأنبت بالمطر { لِتَجْرِىَ فِى ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ } يقول : بإذنه { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأنْهَـٰرَ وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَائِبَينَ } يعني : دائمين مطيعين . يعني : ذلل لكم ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ } يعني : لبني آدم يلتمسون فيها المعيشة وينتشرون في النهار إلى حوائجهم وفي الليل مستقرهم ومنامهم . { وَآتَاكُم مّن كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } يعني : أعطاكم من كل شيء لم تحسنوا أن تسألوا فأعطيتكم برحمتي . وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أنه قال : لم تسألوه بكل الذي أعطاكم . وقال معمر والحسن : آتاكم من كل الذي سألتموه . قال مجاهد : كل ما رغبتم إليه قرأ بعضهم " مِنْ كُلٍّ " بالتنوين يعني أعطاكم من كل شيء ثم قال : ما سألتموه يعني لم تسألوه ولا طلبتموه ولكن أعطيتكم برحمتي يعني ما ذكر مما سُخِّر للناس في هذه الآيات . وقراءة العامة " مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ " من غير تنوين على معنى الإضافة يعني : من جميع ما سألتموه . ثم قال : { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا } يعني : لا تقدروا على أداء شكرها . ويقال تحصوها يعني : لا تحفظوها { إِنَّ ٱلإنسَـٰنَ } يعني : الكافر { لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } يعني : يظلم نفسه بالكفر بنعم الله تعالى .