Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 68-71)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ } أي : ألهمها إلهاماً . مثل قوله : { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } [ الزلزلة : 5 ] . { أَنِ ٱتَّخِذِى مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتًا } أي : مسكناً { وَمِنَ ٱلشَّجَرِ } يعني : أن اتخذي من الجبال ومن الشجر مسكناً { وَمِمَّا يَعْرِشُونَ } يعني : ومما يبنون من سقوف البيت . قرأ ابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر " يَعْرُشُونَ " بضم الراء . والباقون بالكسر ومعناهما واحد أَي : ومما يبنون من سقوف البيت { ثُمَّ كُلِى مِن كُلّ ٱلثَّمَرٰتِ } أي : من ألوان الثمرات . أي ألهمها بأكل الثمرات { فَٱسْلُكِى سُبُلَ رَبّكِ ذُلُلاً } أي : ادخلي الطريق الذي يسهل عليك ، ويقال : خذي طرق ربك مذللاً أي : مسخراً لك . وقال مقاتل : فاسلكي سبل ربك يعني : ادخلي طرق ربك في الجبال وفي خلال الشجر ذللاً . لأنَّ الله تعالى . ذلل لها طرقها حيث ما توجهت { يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا } أي : من بطون النحل من قبل أفواهها مثل اللعاب { شَرَابٌ } يعني : العسل { مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ } أي : العسل أبيض وأصفر وأحمر ، ويقال : يخرج من أفواه الشباب من النحل الأبيض . ومن الكهول الأصفر ومن الشيوخ الأحمر { فِيهِ } أي : في العسل { شِفَآءٌ لِلنَّاسِ } روى أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : " جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن أخي استطلق بطنه . فقال له : « اسقه عسلاً » . فسقاه ثم جاء فقال : سقيته فلم يزده إلا استطلاقاً . فقال له : « اسقه عسلاً » . فسقاه ثم جاءه فقال : سقيته فلم يزده إلاَّ استطلاقاً فقال له : « اسقه عسلاً صدق الله وكذب بطن أخيك » فسقاه فبريء " قال الفقيه أبو الليث : إنما يكون العسل شفاء إذا عرف الإنسان مقداره ويعرف لأي داء هو . فإذا لم يعرف مقداره ولم يعرف موضعه فربما يكون فيه ضرر ، كما أن الله تعالى جعل الماء حياة كل شيء وربما يكون الماء سبباً للهلاك . وقال السدي : العسل شفاء الأوجاع التي يكون شفاؤها فيه . وقال مجاهد : " فيه شفاء للناس " أي : في القرآن بيان للناس من الضلالة . وروى أبو الأحوص عن عبد الله بن مسعود أنه قال : العسل شفاء من كل داء والقرآن شفاء لما في الصدور . وروى الأسود عن ابن مسعود أنه قال : عليكم بالشفاء من القرآن والعسل ثم قال : { إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً } أي : فيما ذكر من أمر النحل لعلامة لوحدانيتي { لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } يعني : علموا أن معبودهم لم يغنهم من شيء ثم قال : { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّـٰكُمْ } أي : يقبض أرواحكم { وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ } أي : إلى أسفل العمر وهو الهرم { لِكَىْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا } أي : صار بحال لا يعلم ما علم من قبل . ويقال : لكيلا يعقل من بعد عقله الأول شيئاً . ويقال : إن الهرم اسوأ العمر وشره ، وقوله : { لِكَىْ لاَ يَعْلَمَ } أي حتى لا يعلم بعد علمه بالأمور شيئاً لشدة هرمه بعد ما كان يعلم الأمور قبل الهرم { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } على تحويلكم . ويقال : معناه : ومنكم من يرد إلى أرذل العمر أي : إني محولكم من حال إلى حال تكرهونه ولا يقدر معبودكم أن يمنعني عن ذلك . والله عليم قدير على ذلك . قوله : { وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِى ٱلْرّزْقِ } أي : فضل الموالي على العبيد في المال { فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدّى رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُهُمْ } أي : الموالي لا يرضون بدفع المال إلى المماليك { فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ } أي : لا ترضون لأنفسكم أن كون عبيدكم معكم شركاء في أموالكم . فكيف ترضون لله تعالى أن تصفوا له شريكاً في ملكه وصفاته وتصفوا له ولداً من عباده . وقال قتادة : هو الذي فضل في المال والولد لا يشرك عبيده في ماله . فقد رضيتم بذلك لله تعالى ولم ترضوا به لأنفسكم . وقال مجاهد : ضرب الله مثلاً للآلهة الباطلة مع الله تعالى . ويقال : نزلت الآية في وفد نجران حين قالوا في عيسى عليه السلام ما قالوا . ثم قال تعالى : { أَفَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } يقول بوحدانية الله تعالى تكفرون وترضون له ما لا ترضون لأنفسكم .