Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 90-90)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ } أي : بتوحيد الله وشهادة أن لا إله إلا الله ، والإحسان إلى الناس والعفو عن الناس ، ويقال : الإحسان القيام بالفرائض { وَإِيتَآء ذِى ٱلْقُرْبَىٰ } أي : صلة الرحم { وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ } أي : عن الزنا ويقال : جميع المعاصي { وَٱلْمُنْكَرِ } يعني : ما لا يعرف في شريعة ولا في سنة ، ويقال : المنكر ما وعد الله عليه النار { وَٱلْبَغْىَ } يعني : الاستطالة والكبرة فقد أمر بثلاثة أشياء ونهى عن ثلاثة أشياء وجمع في هذه الأشياء الستة علم الأولين والآخرين وجميع الخصال المحمودة ، " وروي عن عثمان بن مظعون أنه قال : ما أسلمت يوم أسلمت إلا حياءً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك أنه كان يدعوني فيعرض عليَّ الإِسلام فاستحييت منه فأسلمت ولم يقر الإِسلام في قلبي ، فمررت به ذات يوم وهو بفناء بابه جالساً محتبياً فدعاني فجلست إليه فبينما هو يحدثني إذ رأيت بصره شخص إلى السماء حتى رأيت طرفه قد انقطع . ثم رأيته خفضه عن يمينه ثم ولاَّني وركه ينفض رأسه كأنه يستفهم شيئاً يقال له . ثم دعا فرفع رأسه إلى السماء ثم خفضه حتى وضعه عن يساره ثم أقبل عليَّ محمراً وجهه يفيض عرقاً . فقلت يا رسول الله ما رأيتك صنعت هذا في طول ما كنت أجالسك . فقال : « ولقد رأيت ذلك ؟ » قلت : نعم قال : « بينما أحدثك إذ رفعت بصري إلى السماء فرأيت جبريل ينزل عليّ فلم تكن لي همة غيره حتى نزل عن يميني فقال يا محمد { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ وَإِيتَآء ذِى ٱلْقُرْبَىٰ } إلى آخر الآية " قال عثمان : فوقر الإيمان في قلبي فآمنت وصدقته . قال : فأتيت أبا طالب فأخبرته بما نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا معشر قريش اتبعوا ابن أخي ترشدوا وتفلحوا ، ولئن كان محمد صادقاً أو كاذباً ما يأمركم إلاَّ بمكارم الأخلاق . فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - من عمه اللين قال : " يا عماه أتأمر الناس أن يتبعوني وتدع نفسك ؟ " وجهد عليه فأبى أن يسلم فنزل { إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ } [ القصص : 56 ] إلى آخر الآية . قال الفقيه أبو الليث : حدثنا أبو منصور عبد الله الفرائضي بسمرقند بإسناده عن عكرمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ على الوليد بن المغيرة { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ } إلى آخر الآية فقال له : يا ابن أخي أعد عليَّ فأعاد عليه فقال : والله يا ابن أخي إنّ له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وما هذا بقول البشر . وقال قتادة : في قول الله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ } الآية قال : ليس من خلق حسن كان أهل الجاهلية يستحسنونه بينهم إلا أمر الله به وليس من خلق سيِّــــىءٍ يتعايرونه بينهم إلاَّ نهى الله عنه . ثم قال تعالى : { يَعِظُكُمْ } أي : يأمركم وينهاكم عن هذه الأَشياء التي ذكرها الله في الآية { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } أي : تتعظون .