Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 107-111)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { قُلْ ءامِنُواْ بِهِ } أي : صدقوا بالقرآن { أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ } يعني : أو لا تصدقوا ، ومعناه : إن صدقتم به أو لم تصدقوا فإنه غني عن إِيمانكم وتصديقكم { إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ } يعني : أعطوا علم كتابهم وهم مؤمنو أهل الكتاب من قبل القرآن { إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ } أي : يعرض عليهم القرآن عرفوه { يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ } أي : يقعون على الوجه { سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبّنَا } أي : تنزيهاً لربنا وقال الكلبي أي نصلي لربنا { إِن كَانَ وَعْدُ رَبّنَا لَمَفْعُولاً } وقد كان وعد ربنا لمفعولاً أي : كائناً ومقدوراً . قوله : { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ } أي : يقعون على الوجوه { يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا } أي : تواضعاً ومذلة ، { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ } قال الكلبي : كان ذكر الرحمن في القرآن قليلاً في بدىء ما نزل من القرآن . وقد كان أسلم ناس من اليهود منهم عبد الله بن سلام وأصحابه وكان ذكره في التوراة كثيراً . فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فنزل { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ } . قرأ حمزة والكسائي " قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أو ادْعُوا الرحمن " بكسر اللام والواو وقرأ أبو عمرو بكسر اللام في ( قُلِ ادعوا ) . وضم الواو في " أَوُ ادْعُوا الرَّحْمَنَ " وقرأ الباقون كليهما بالضم ومعناهما واحد { أَيّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَاء ٱلْحُسْنَىٰ } يعني : بأي الاسمين تدعون فهو حسن فله الأسماء الحسنى أي : له الصفات العلى . ثم قال : { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا } وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بمكة . وكان يصلي بأصحابه وإذا رفع صوته أذاه المشركون وإذا خفض لا يسمع صوته الذين خلفه . فأنزل الله تعالى ولا تجهر بصلاتك . أي بقراءتك فيؤذيك المشركون ولا تخافت بها في جميع الصلوات ، يعني : لا تسر بقراءتك فلا يسمع أصحابك قراءتك { وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } يقول : بين الرفع والخفض ، ويقال : معناه : ولا تجهر في جميع الصلوات ولا تخافت في جميع الصلوات وابتغ بين ذلك سبيلاً . أي : اجهر في بعض الصلوات وخافت في البعض ثم قال : { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا } قال الكلبي : وذلك أنه لما نزل { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ } قالت كفار قريش : كان محمد يدعو إلهاً واحداً وهو اليوم يدعو إلهين . ما نعرف الرحمن إلاَّ صاحب اليمامة . مسيلمة الكذاب فنزل : { وَمِنَ ٱلأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ } [ الرعد : 36 ] يعني : ذكر الرحمن . وأمره بأن يقول : { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِى ٱلْمُلْكِ } أي : لم يتخذ ولداً فيرث ملكه ، ولم يكن له شريك في الملك في عظمته . وقال أبو العالية : معناه : وقل الحمد لله الذي لم يجعلني ممن يتخذ له ولداً ولم يجعلني ممن يقول له شريك في الملك { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِىٌّ مَّنَ ٱلذُّلِّ } أي : من اليهود والنصارى وهم أذل خليقة الله تعالى . يؤدون الجزية ، وقال مقاتل : معناه : لم يذل فيحتاج إلى ولي يعينه ، أي : لم يكن له ولي ينتصر به من الذل { وَكَبّرْهُ تَكْبِيرًا } أي : عظمه تعظيماً . ولا تقل له شريك . وروى إبراهيم بن الحكم عن أبيه أنه قال : بلغني " أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله : إني رجل كثير الدين كثير الهم . فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : « اقرأ آخر سورة بني إسرائيل ، { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ } حتى تختمها . ثم قل توكلت على الحي الذي لا يموت ثلاث مرات " .