Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 18-21)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ } لأن عيونهم مفتحة ويقال : من كثرة تقلبهم ذات اليمين وذات الشمال { وَنُقَلّبُهُمْ ذَاتَ ٱليَمِينِ وَذَاتَ ٱلشّمَالِ } وذلك أن جبريل عليه السلام كان يقلبهم في كل سنة مرة لكيلا تأكل الأرض لحومهم وهو قول ابن عباس وقال مجاهد : مكثوا ثلاثمائة عام على شق واحد وقلبوا في التسع سنين { وَكَلْبُهُمْ بَـٰسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِٱلوَصِيدِ } أي : مَاداً ذراعيه بفناء الباب { لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا } أي : لو هجمت عليهم اليوم لأدبرت فراراً من هيئتهم وروى سعيد بن جابر عن ابن عباس أنه قال : غزا معاوية غزوة نحو الروم فمروا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف لو كشفنا عن هؤلاء فنظرنا إِليهم فقال ابن عباس قد منع الله ذلك عمن هو خير منك يعني : قال للنبي - صلى الله عليه وسلم : { لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا } { وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا } فقال معاوية لا أنتهي حتى أعلم علمهم فبعث ناساً فقال : اذهبوا فادخلوا الكهف فلما ذهبوا ودخلوا بعث الله تعالى ريحاً فأخرجتهم ثم قال تعالى : { وَكَذٰلِكَ بَعَثْنَـٰهُمْ } أي : أيقظناهم من نومهم جياعاً كما رقدوا { لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ } أي : ليتحدثوا بينهم { قَالَ قَائِلٌ مّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ } أي : كم مكثتم في نومكم { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْمًا } فلما رأوا الشمس قد زالت قالوا : { أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ } وروى مجاهد عن ابن عباس قال : كانت دراهم أصحاب الكهف مثل أخفاف الإبل قرأ ابن كثير ونافع ( ؛ وَلَمُلِّئْتَ ) بتشديد اللام وهي لغة لبعض العرب وقرأ الباقون بالتخفيف وهما لغتان وقرأ أبو عمرو وحمزة وعاصم في رواية أبي بكر بورقكم بجزم الراء وقرأ الباقون بالكسر وهما لغتان { فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا } أي : أطيب خبزاً أو أحل ذبيحة وهذا قول ابن عباس ويقال : أي أهلها أزكى طعاماً وقال عكرمة أي : أكثر وأرخص طعاماً { فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مّنْهُ } أي : بطعام مِنْهُ وَيُقَالُ : أَزْكَى طعاماً أي : لم يكن غصباً ولا من جهة لا تحل { وَلْيَتَلَطَّفْ } أي : وليرفق في الشراء { وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا } أي : لا يُعلمن بمكانكم أحداً من الناس { إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ } يعني : إن يطلعوا عليكم { يَرْجُمُوكُمْ } أي : يقتلوكم { أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِى مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُواْ إِذًا أَبَدًا } أي : لن تفوزوا ولن تسعدوا إذاً أبداً إن عبدتم غير الله تعالى { وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } يقول : أطلعنا الملك عليهم قال القتبي : وأصله في اللغة أَن من عثر بشيء نظر إِليه حتى يعرفه فاستعير العثار مكان التبين والظهور { لِيَعْلَمُواْ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } يعني : البعث بعد الموت وذلك أن القوم كانوا مختلفين منهم من كان مقراً بالبعث ومنهم من كان جاحداً فلما ظهر حالهم عرفوا أن البعث حق وأنه كائن { وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَـٰزَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ } يعني : إذ يختلفون فيما بينهم وقال بعضهم : اختلفوا فيما بينهم هو ما ذكر بعد هذا في عددهم وقال بعضهم : اختلفوا فقال المؤمنون فيما بينهم نبني مسجداً وقالت النصارى نبني كنيسة فغلب عليهم المسلمون وبنوا المسجد فذلك قوله تعالى : { فَقَالُواْ ٱبْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَـٰنًا } أي : مسجداً { رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ } أي : عالم بهم { قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ } يعني : الذين كانوا على دين أصحاب الكهف وهم المؤمنون { لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِدًا } قال الزجاج : فيه دليل أنه ظهر أمرهم وغلب الذين أقروا بالبعث على غيرهم لأنهم اتخذوا مسجداً والمسجد يكون للمسلمين .