Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 106-106)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال تعالى { مَا نَنسَخْ مِنْ ءايَةٍ أَوْ نُنسِهَا } قرأ ابن عامر ( مَا نُنْسِخْ ) برفع النون وكسر السين وقرأ الباقون ( مَا نَنسَخْ ) بالنصب ومعناهما واحد . وقرأ أبو عمرو وابن كثير ( أو ننسأها ) بنصب النون والسين والهمزة ، وقرأ الباقون ( نُنْسِهَا ) برفع النون وكسر السين بغير همز . فمن قرأ ( ننسأها ) أي نؤخرها ، ومنه النسيئة في البيع وهو التأخير . ومن قرأ ( ننسها ) أي نتركها مثل قوله تعالى : { نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ } [ التوبة : 67 ] أي تركهم في النار وقال ابن عباس - في رواية أبي صالح في قوله تعالى { مَا نَنسَخْ مِنْ ءايَةٍ أَوْ نُنسِهَا } يقول ما ننسخ من آية فلا نعمل بها { أَوْ نُنسِهَا } ندعها غير منسوخة [ والنسخ رفع الشيء وإقامة غيره مقامه وفي الشرع رفع كل حكم قبل فعله أو بعده إذا كان مؤقتاً ثم قال تعالى ] { نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا } يعني أهون وألين منها على الناس { أَوْ مِثْلِهَا } في المنفعة . وقال الزجاج : النسخ في اللغة ، هو إبطال شيء وإقامة شيء آخر مقامه ، والعرب تقول : نسخت الشمس الظل إذا أزالته . { أَوْ نُنسِهَا } أي نتركها ، معناه أي نأمركم بتركها . وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : النسخ له ثلاثة مواضع ولكل منها شواهد ودلائل ، فأحدها : ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : { مَا نَنسَخْ مِنْ ءايَةٍ } أي نبدلها ونوضحها ، وما روي عن مجاهد أنه قال : نثبت خطها ، ونبدل حكمها . فهذا هو المعروف عند الناس . الثاني : أن ترفع الآية المنسوخة بعد نزولها ولهذا دلائل جاءت فيه ، من ذلك ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه صلى ذات يوم صلاة الغداة ، فترك آية ، فلما فرغ من صلاته قال : هل فيكم أبي قالوا : نعم قال : هل تركت من آية ؟ قالوا : نعم تركت آية كذا ، أنسخت أم نسيت ، قال : لا ، ولكن نسيت " وجاءت الآثار في نحو هذا لأن الآية قد تنسخ بعد نزولها وترفع . والنسخ الثالث : تحويله من كتاب إلى كتاب ، وهو ما نسخ من أم الكتاب فأنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - ( أو ننساها ) أي نتركها في اللوح المحفوظ . وقال بعضهم : لا يجوز النسخ فيما يرفع كله بعد نزوله لأن الله تعالى قال { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَـٰفِظُونَ } [ الحجر : 9 ] وقال { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ } [ القيامة : 17 ] ولكن أكثر أهل العلم قالوا : يجوز ذلك والنسخ يجوز في الأمر والنهي والوعد والوعيد ولا يجوز في القصص والأخبار لأنه لو جاز ذلك يكون كذباً ، والكذب في القرآن لا يجوز . ثم قال تعالى { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } من الناسخ والمنسوخ .