Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 143-143)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَكَذٰلِكَ جَعَلْنَـٰكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } والوسط هو العدل كما قال تعالى في آية أخرى : { قَالَ أَوْسَطُهُمْ } [ القلم : 28 ] ، أي أخيرهم وأعدلهم والعرب تقول : فلان من أوسط قومه أي خيارهم وأعدلهم ومنه قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : هو أوسط قريش حسبا . أي جعلناكم عدلاً للخلائق . { لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى ٱلنَّاسِ } يعني للنبيين { وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } بالتصديق لكم وذلك أن الله تعالى إذا جمع الخلق يوم القيامة فيسأل الأنبياء عليهم السلام عن تبليغ الرسالة كقوله تعالى : { لِّيَسْأَلَ ٱلصَّـٰدِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ } [ الأحزاب : 8 ] فيقولون : قد بلغنا الرسالة ، فتنكر أممهم تبليغ رسالته فتشهد لهم أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بتبليغ الرسالة فتطعن الأمم في شهادتهم فيزكيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فذلك معنى قوله تعالى : [ { لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } وَمعنى قوله { وَكَذٰلِكَ } أي وكما [ هديناكم ] للإسلام [ والقبلة ] الكعبة فكذلك جعلناكم أمة عدلاً لتكونوا شهداء على الناس . وللآية تأويل آخر : { وَكَذٰلِكَ جَعَلْنَـٰكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } أي عدلاً ، لتكونوا شهداء على الناس . يقول : إنكم حجة على جميع من خلقنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة عليكم . والشهادة في اللغة : هي البيان فلهذا يسمى الشاهد بينة لأنه بين حق المدعي يعني أنكم تبينون لمن بعدكم ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يبين لكم . قوله تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا ٱلْقِبْلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا } أي ما أمرناك بالصلاة إلى القبلة الأولى ويقال : ما حولنا القبلة التي كنت عليها { إِلاَّ لِنَعْلَمَ } يقول : إلا لنختبر ونبين { مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ } يطيع الرسول في تحويل القبلة { مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ } أي يرجع إلى دينه بعد تحويل الله القبلة { وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً } أي وقد كانت لثقيلة وهو صرف القبلة { إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ } أي حفظ الله قلوبهم على الإسلام وأكرمهم باتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - في تحويل القبلة وهم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - قالوا : يا رسول الله فإخواننا الذين ماتوا ما صنع الله بصلاتهم التي صلوا إلى بيت المقدس ؟ فأنزل الله تعالى : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَـٰنَكُمْ } يعني لم يبطل إيمانكم وإنما تحولت قبلتكم . ويقال : يعني صلاتهم إلى بيت المقدس التي صلوا إليها وماتوا عليها لأن اليهود قالوا : قد بطل إيمانكم حين تركتم القبلة ، فنزل { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَـٰنَكُمْ } يعني يبطل إيمانكم . قال الضحاك : يعني لم يبطل تصديقكم بالقبلتين . ثم قال تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } يعني بالمؤمنين رحيم حين قبلها منهم ولم يضيع إيمانهم . قرأ حمزة والكسائي وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر : ( لرؤف ) بالهمزة على وزن ( رعف ) وقرأ الباقون : ( رؤوف ) على وزن فعول في جميع القرآن وهما لغتان ومعناهما واحد .