Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 165-167)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادًا } يعني بعض الناس وصفوا لله شركاء وأعدالاً وهي الأوثان { يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ } قال بعضهم : معناه يحبون الأوثان كحبهم لله تعالى لأنهم كانوا يقرون بالله تعالى . وقال بعضهم : معناه ، يحبون الأوثان كحب المؤمنين لله تعالى : { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ } لأن الكفار يعبدون أوثانهم في حال الرخاء فإذا أصابتهم شدة تركوا عبادتها والمؤمنون يعبدون الله تعالى في حال الرخاء والشدة فهذا معنى قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ } فإن قيل إذا كان المؤمنون أشد حباً لله [ فما معنى ] قوله : يحبونهم كحب الله ؟ قيل له : يحتمل أن بعض المؤمنين حبهم مثل حبهم وبعضهم أشد حباً وفي أول الآية : ذكر بعض المؤمنين وفي آخر الآية ذكر المؤمنين الذين هم أشد حباً لله . والحب لله أن يطيعوه في أَمره وينتهوا عن نهيه فكل من كان أطوع [ لله ] فهو أشد حباً له . كما قال القائل : @ لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع @@ ثم قال لمحمد - صلى الله عليه وسلم - { وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } يا محمد { إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ } يعني حين يرون العذاب { أَنَّ ٱلْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا } وفي الآية مضمر ومعناه يا محمد لو رأيت الذين ظلموا في العذاب لرأيت أمراً عظيماً كما تقول : لو رأيت فلاناً تحت السياط فيستغني عن الجواب لأن معناه مفهوم فكذلك ها هنا لم يذكر الجواب لأن المعنى معلوم . قرأ نافع وابن عامر : [ ( ولو ترى ) بالتاء على معنى المخاطب للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقرأ الباقون : ( بالياء ) ومعناه ] ولو يرى عبدة الأوثان اليوم ما يرون يوم القيامة أن الأوثان لا تنفعهم شيئاً وأن القوة لله جميعاً تركوا عبادتها . وقرأ ابن عامر ( إذ يرون العذاب ) بضم الياء على معنى فعل ما لم يسم فاعله وقرأ الباقون بنصب الياء على معنى الخبر عنهم . وقرأ الحسن وقتادة : ( أن القوة لله جميعاً ) على معنى الابتداء وقرأ العامة [ ( أن القوة لله ) ] بالنصب على معنى البناء ، يعني بأن القوة لله جميعاً { وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ } يعني للرؤساء والاتباع من أهل الأوثان { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ } يعني القادة { مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } وهم السفلة { وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } يقال حين يروا العذاب { وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } أي العهود والحلف التي كانت بينهم في الدنيا وقال القتبي : الأسباب يعني الأسباب التي كانوا يتواصلون بها في الدنيا . وقال بعضهم وتقطعت بهم الأسباب ، أي الخلة والمواصلة كما قال في آية أخرى : { ٱلأَخِلاَءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } [ الزخرف : 67 ] ؛ ويقال : الأرحام والمودة التي كانوا يتواصلون بها فيما بينهم قوله تعالى { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } أي السفلة { لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً } أي رجعة إلى الدنيا وذلك أن الرؤساء لما تبرؤوا منهم ولا ينفعونهم شيئاً ندمت السفلة على اتباعهم في الدنيا ويقولون في أنفسهم لو أن لنا كرة أي رجعة إلى الدنيا { فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ } أي من القادة { كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا } من القادة قال الله تعالى { كَذٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَـٰلَهُمْ حَسَرٰتٍ عَلَيْهِمْ } [ لأنهم يرون أعمالهم ] غير مقبولة لأنها كانت لغير وجه الله تعالى فيكون ذلك حسرة عليهم . وقوله تعالى : { وَمَا هُم بِخَـٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ } يعني التابع والمتبوع والعابد والمعبود .