Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 180-182)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كُتِبَ عَلَيْكُمْ } أي فرض عليكم { إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا } [ أي ] مالاً والخير في القرآن على وجوه : أحدها : المال كقوله تعالى : { إِن تَرَكَ خَيْرًا } وقوله : { مَآ أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ } [ البقرة : 215 ] ، { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ } [ البقرة : 272 ] أي المال . والثاني : الإيمان كقوله تعالى { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا } [ الأنفال : 23 ] أي إيماناً وكقوله تعالى : { وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِىۤ أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيْرًا } [ هود : 31 ] . والثالث الخير : الفضل كقوله تعالى : { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَٰحِمِينَ } [ المؤمنون : 109 و118 ] . والرابع : الخير : العافية كقوله : { وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ } [ الأنعام : 17 ] { وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ } [ يونس : 107 ] . والخامس : الأجر كقوله : { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } [ الحج : 36 ] أي أجر . وقال بعضهم : الوصية واجبة على كل مسلم لأن الله تعالى قال : { كُتِبَ عَلَيْكُمْ } أي فرض عليكم الوصية . وروي عن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ما حق امرىء مسلم يبيت ليلة وعنده مال يوصي به إلا ووصيته مكتوبة عنده " وقال بعضهم : هي مباحة وليست بواجبة . وقد روي عن الشعبي أنه قال : الوصية ليست بواجبة فمن شاء أوصى ومن شاء لم يوص . وقال إبراهيم النخعي : مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يوص وقد أوصى أبو بكر - رضي الله عنه - فإن أوصى فحسن وإن لم يوص فليس عليه شيء وقال بعضهم : إن كان عليه حج أو كفارة أي شيء من الكفارات فالوصية واجبة وإن لم يكن عليه شيء من الواجبات فهو بالخيار إن شاء أوصى وإن شاء لم يوص وبهذا القول نأخذ . ثم بين مواضع الوصية فقال تعالى : { ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوٰلِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ بِٱلْمَعْرُوفِ } قال مجاهد : كان الميراث للولد والوصية للوالدين والأقربين فصارت الوصية للوالدين منسوخة وروى جويبر عن الضحاك أنه قال : نسخت الوصية للوالدين والأقربين ممن يرث وثبتت الوصية لمن لا يرث من القرابة . ويقال : في الآية تقديم وتأخير معناه كتب عليكم الوصية للوالدين والأقربين ( إذا حضر أحدكم الموت وكانوا يوصون للأجنبيين ولم يوصوا للقرابة شيئاً فأمرهم الله تعالى بالوصية للوالدين والأقربين ) . ثم نسخت الوصية للوالدين بآية الميراث قوله { بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } أي واجباً عليهم . وقوله تعالى : { فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ } أي غيره بعدما سمع الوصية { فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى ٱلَّذِينَ يُبَدّلُونَهُ } أي وزره على الذين يبدلونه ويغيرونه لا على الموصي لأن الموصي قد فعل ما عليه . { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ } بالوصية { عَلِيمٌ } بثوابها وبجزاء من غير الوصية : { فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا } أي علم من الموصي الجنف وهو الميل عن الحق { فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } إذا غير وصيته فردها إلى الحق لأن تبديله كان للإصلاح ولم يكن للجور . وقال الكلبي : { فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا } أي علم من الميت الخطأ في الوصية { أَوْ إِثْماً } يعني تعمداً للجور في وصيته فزاد على الثلث { فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ } أي رد ما زاد على الثلث { فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . هكذا قال مقاتل . وروي عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال : الإضرار في الوصية من الكبائر . قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر : فمن خاف من موص بنصب الواو وتشديد الصاد وقرأ الباقون : بسكون الواو وتخفيف الصاد فمن قرأ بالنصب والتشديد فهو من وصى يوصي ومن قرأ بالتخفيف فهو من أوصى يوصي وهما لغتان ومعناهما واحد [ { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } معناه غفور لمن جنف رحيم لمن أصلح ] .