Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 27-27)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم نعت الفاسقين فقال تعالى : { ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَـٰقِهِ } أي يتركون أمر الله ووصيته من بعد ميثاقه ، أي من بعد تغليظه وتأكيده ، وذلك أن الله تعالى أمر موسى في التوراة : بأن يأمر قومه ليقروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ويصدقون إذا خرج . وكان موسى عليه السلام عاهدهم على ذلك فلما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذبوه ولم يصدقوه ونقضوا العهد . ويقال : انه أراد به العهد الذي أخذه من بني آدم من ظهورهم حيث قال تعالى : { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ قَالُواْ : بَلَىٰ } [ الأعراف : 172 ] فنقضوا ذلك العهد والميثاق . فإن قيل : كيف يجوز هذا ؟ واليهود كانوا مقربين بالله تعالى فكيف يكون نقض العهد وهم مقرون ؟ قيل له : إنهم إذا لم يصدقوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فقد أشركوا بالله ، لأنهم لم يصدقوا بأن القرآن من عند الله ، ومن زعم أن القرآن قول البشر فقد أشرك بالله تعالى ، وصار ناقضاً للعهد . ويقال : الميثاق الذي يعرف كل واحد [ ربه ] إذا تفكر في نفسه ، فكان ذلك بمنزلة أخذ الميثاق عليه ، وجميع ما في القرآن من ذكر الميثاق فهو على هذه الأوجه الثلاثة . وقوله تعالى : { وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } ، روى الضحاك وعطاء عن ابن عباس أنه قال : ( إنهم أمروا أن يؤمنوا بجميع الأنبياء فآمنوا ببعضهم ولم يؤمنوا ببعضهم ) ، فهذا معنى قوله : { وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } ويقال : أمروا بصلة القرابات فقطعوا الأرحام فيما بينهم ويقال : كانت بين اليهود والعرب قرابة من وجه ، لأن العرب كانت من أولاد إسماعيل واليهود من أولاد إسحاق ، فإذا لم يؤمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فقد قطعوا ذلك الرحم الذي كان بينهم . وقوله تعالى { وَيُفْسِدُونَ فِى ٱلأَرْضِ } لأنهم يكفرون ويأمرون غيرهم بالكفر فذلك فسادهم في الأرض { أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } أي المغبونون في العقوبة . وقال الكلبي : ليس من مؤمن ولا كافر إلا وله منزل وأهل وخدم في الجنة فإن أطاع الله أتى ومنزله وأهله وخدمه في الجنة ، وإن عصى الله ورثه الله تعالى المؤمنين ، فقد غبن أي بعد عن أهله وخدمه . كما قال في آية أُخرى { قُلْ إِنَّ ٱلْخَـٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } [ الزمر : 15 ] . وقال بعضهم : هذا التفسير لا يصح لأنه لا يجوز أن يقال : للكافر منزل في الجنة وخدم ، إلا أن الكلبي لم يقل ذلك من ذات نفسه ، وإنما رواه عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما .