Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 40-43)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ } يا أولاد يعقوب . وإنما سمي إسرائيل لأن ( الإسرا ) بلغتهم عبد ، و ( الايل ) هو الله فكأنه قال : يا بني عبد الله . وقال بعضهم : إنما سمي إسرائيل لأنه أسره ملك يقال له ( إيل ) وذلك أنه كان في سفر مع أولاده ، وكان يسير خلف القافلة ، وكان له قوة فدخل في نفسه شيء من العجب ، فابتلاه الله تعالى : أن جاءه ملك على هيئة اللص وأراد أن يضرب على القافلة ، فأراد يعقوب أن يضربه على الأرض فلم يقدر على ذلك ، فكانا في تلك المنازعة إلى طلوع الفجر ، ثم إن الملك أخذ بعرق يعقوب أي عرق من عروقه فمده فسقط في ذلك الموضع ثلاثة أيام . وقال بعضهم : لأنه أسره جني يقال له ( ايل ) وروي عن السدي : أنه وقعت بينه وبين أخيه ( عيصوا ) عداوة فحلف ( عيصوا ) أن يقتله ، فكان يعقوب يختفي بالنهار ، ويخرج بالليل فسمي إسرائيل لسيره بالليل . وأصله من إسراء الليل بدليل قوله عز وجل { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً } [ الإسراء : 1 ] والله أعلم بالصواب . ويقال : إنما سمي بيعقوب لأنه ولد مع عيصوا في بطن واحد فخرج على عقب عيصوا فسمي لذلك بيعقوب . فقال الله تعالى { يَا بَنِى إِسْرٰءيلَ } وإنما أراد بهم اليهود الذين كانوا حوالي المدينة من بني قريظة والنضير وغيرهم ، وكانوا من أولاد يعقوب وقال تعالى : { ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } يعني احفظوا منتي التي مننت عليكم في التيه من المن والسلوى ، يعني اذكروا تلك النعم [ التي أنعمت عليكم ] واشكروا لي { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } قال ابن عباس رضي الله عنهما في رواية أبي صالح : قد كان الله تعالى عهد إلى بني إسرائيل في التوراة أني باعث من بني إسماعيل نبياً أمياً فمن تبعه وصدق به غفرت له ذنوبه ، وأدخلته الجنة ، وجعلت له أجرين أجراً باتباعه ما جاء به موسى ، وأجراً باتباعه ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - [ فلما جاءهم محمد - عليه الصلاة والسلام ] وعرفوه كذبوه فذكرهم الله تعالى في هذه الآية فقال { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } قال الحسن البصري { أَوْفُوا بِعَهْدِى } أدوا ما افترضت عليكم أوف بعهدكم مما وعدت لكم . وقال الضحاك : أوفوا بطاعتي أوف لكم بالجنة . وقال الصادق : أوفوا بعهدي في دار محنتي على بساط خدمتي في حفظ حرمتي أوف بعهدكم في دار نعمتي على بساط قربتي بسني رؤيتي . وقال قتادة : العهد ما ذكر في سورة المائدة في قوله : { وَلَقَدْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَـٰقَ بَنِى إِسْرٰءيلَ } [ المائدة : 12 ] إلى قوله تعالى : { وَءَامَنتُمْ بِرُسُلِى وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } [ المائدة : 12 ] [ أوف بعهدكم ] وهو قوله : { لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَـٰتِكُمْ } [ المائدة : 12 ] الآية . ويقال : { أَوْفُواْ بِعَهْدِى } الذي قبلتم يوم الميثاق { أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } الذي قلت لكم ، يعني به الجنة . قوله تعالى : { وَإِيَّـٰىَ فَٱرْهَبُونِ } يعني : فاخشون . وأصله فارهبوني بالياء لكن حذفت الياء وأقيم الكسر مقامها . ثم قال : { وَءامِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ } أي صدقوا بهذا القرآن الذي أنزلت على محمد - صلى الله عليه وسلم - مصدقاً [ أي موافقاً ] لما معكم ، [ من التوحيد ] وفي بعض الشرائع [ أنزلت ] يعني التوراة والإنجيل { وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } يعني أول من يكفر بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ويقال : ( به ) يعني بالقرآن . وإنما يريد بني قريظة والنضير . فإن قيل : ما معنى قوله تعالى : { وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } وقد كفر به قبلهم مشركو العرب . قيل له : معناه { وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } في وقت هذا الخطاب . ويقال : إن أحبار اليهود كان لهم أتباع ، فلو أسلموا أسلم أتباعهم [ ولو كفروا كفر أتباعهم كلهم ] ، فهذا معنى قوله { وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } من قومكم . { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَـٰتِي ثَمَنًا قَلِيلاً } أي بكتمان صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - عرضاً يسيراً لأنهم كانوا عرفوا صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - وكانت لهم مأكلة ووظائف من سفلة اليهود ، وكانت لهم رئاسة ، فكانوا يخافون أن تذهب وظائفهم ورئاستهم . فقال : { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَـٰتِي ثَمَنًا قَلِيلاً } أي عرض الدنيا وإنما سماه قليلاً ، لأن الدنيا كلها قليل . ثم خوفهم فقال : { وَإِيَّـٰىَ فَٱتَّقُونِ } في صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - فمن جحد به أدخلته النار . قوله تعالى : { وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَـٰطِلِ } يقال في اللغة : لبس يلبس لبساً إذا لبس الثياب . ومعناه لا تخلطوا الحق بالباطل ، فتكتمون صفته ، وذلك أنهم كانوا يخبرون عن بعض صفته ، ويكتمون البعض ليصدقوا بذلك فيلبسون عليهم بذلك . وقال قتادة : { وَلاَ تَلْبِسُواْ } اليهودية والنصرانية بالإسلام ، وقد علمتم أن دين الله ، الذي لا يقبل غيره هو الإسلام . ويقال : معناه ولا تؤمنوا ببعض أمره وتكفروا ببعض أمره . ثم قال تعالى : { وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ } يقول : ولا تكتموا الحق { وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } أنكم تكتمون الحق . { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } أي أقيموا الصلوات الخمس بركوعها وسجودها في مواقيتها ، { وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ } المفروضة { وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّاكِعِينَ } أي صلوا مع المصلين ، مع أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - في الجماعات . ويقال : صلوا مع المصلين إلى الكعبة . وقال قتادة : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ، وهما فريضتان واجبتان ليس لأحد فيهما رخصة ، فأدوهما إلى الله عز وجل .