Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 62-62)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ وَٱلصَّـٰبِئِينَ } قال ابن عباس في رواية أبي صالح : إن الذين آمنوا وهم قوم كانوا مؤمنين بموسى والتوراة ولم يتهودوا ولم يتنصروا . والنصارى : الذين تركوا دين عيسى وتسموا بالنصرانية . واليهود الذين تركوا دين موسى وتسموا باليهودية . والصابئين : هم قوم من النصارى ألين قولاً منهم { مَنْ ءامَنَ } من هؤلاء { بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَعَمِلَ صَـٰلِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ } أي ثوابهم . قال مقاتل : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } أي صدقوا بتوحيد الله ومن آمن من الذين هادوا ، ومن النصارى والصابئين فلهم أجرهم عند ربهم . وقال القتبي : قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } هم قوم آمنوا بألسنتهم ولم يؤمنوا بقلوبهم . فكأنه قال : إن المنافقين والذين هادوا والنصارى والصابئين ويقال : اليهود سموا يهوداً بقول موسى - عليه السلام - { إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ } [ الأعراف : 156 ] ويقال : اشتقاقه من الميل من هاد ، يهود إذا مال عن الطريق . وأما النصارى قال بعضهم : سموا أنفسهم نصارى بقول عيسى عليه السلام : { مَنْ أَنصَارِىۤ إِلَى ٱللَّهِ } [ آل عمران : 52 ] ويقال : لأنهم نزلوا إلى قرية يقال لها ناصرة ، فتواثقوا على دينهم فسموا نصارى . وأما الصابي فهو من صبا يصبو إذا مال . ويقال : من صبأ يصبأ إذا رفع رأسه إلى السماء لأنهم يعبدون الملائكة . قرأ نافع و ( الصابيين ) بغير همز من صبا يصبو إذا خرج من دين إلى دين . وقرأ الباقون بالهمز من صبأ يصبأ إذا رفع رأسه إلى السماء ، واختلف العلماء في حكم الصابئين . فقال بعضهم : حكمهم كحكم أهل الكتاب في أكل ذبائحهم ومناكحة نسائهم ، وهو قول أبي حنيفة لأنهم قوم بين النصرانية واليهودية يقرأون الزبور . وقال بعضهم : هم بمنزلة المجوس لا يجوز أكل ذبائحهم ولا مناكحة نسائهم وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله لأنهم يعبدون الملائكة فصار حكمهم حكم عبدة النيران . ولم يذكر في الآية الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه لما ذكر الإيمان بالله تعالى فقد دخل فيه الإيمان بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه لا يكون مؤمناً بالله تعالى ما لم يؤمن بجميع ما أنزل الله تعالى على محمد وعلى جميع الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - فكأنه قال : من آمن بالله وبما أنزل على جميع أنبيائه وصدق باليوم الآخر [ { وَعَمِلَ صَـٰلِحَاً } أي أدى الفرائض ] فلهم أجرهم عند ربهم : يعني لهم ثواب أعمالهم في الآخرة { وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } فيما يستقبلهم من العذاب { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } على ما خلفوا من الدنيا . ويقال : ليس عليهم خوف النار ولا حزن الفزع الأكبر . فإن قيل : فيه ذكر من آمن بالله بلفظ الوحدان ، ثم قال فلهم أجرهم ولم يقل : فله أجره ، قيل له : لأنه انصرف إلى ما سبق ذكره وهو الجماعة فمرة يذكر بلفظ الوحدان لاعتبار اللفظ ومرة بلفظ الجمع لاعتبار المعنى .