Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 88-90)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ } قرأ ابن عباس ( غلفٌ ) بضم اللام وهي قراءة شاذة . والباقون بسكون اللام أي ذو ( غلْف ) يعني ذو غلاف ، والواحد أغلف مثل : أحمر وحمر . ومعناه : أنهم يقولون قلوبنا في غطاء . من قولك ولا نفقه حديثك وهذا كما قال في آية أخرى { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِىۤ أَكِنَّةٍ } [ فصلت : 5 ] . وأما من قرأ ( غلُف ) فهو جماعة الغلاف على ميزان حمار وحمر . يعنون أن قلوبنا أوعية لكل علم ولا نفقه حديثك ، فلو كنت نبياً لفهمنا قولك . قال الله تعالى رداً لقولهم { بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ } أي خذلهم الله وطردهم مجازاة لكفرهم { فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ } صار نصباً لأنه قدم المفعول . وقال بعضهم : معناه لا يؤمنون إلا القليل منهم : مثل عبد الله بن سلام وأصحابه . وقال بعضهم : إيمانهم بالله قليلاً لأنهم يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض . وقال بعضهم : معناه أنهم لا يؤمنون كما قال : فلان قليل الخير يعني لا خير فيه . ثم قوله تعالى { وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَـٰبٌ مّنْ عِندِ ٱللَّهِ } أي حين جاءهم القرآن { مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ } أي موافقاً للتوراة في التوحيد ، وفي بعض الشرائع . ويقال : مصدق لما معهم ، يعني يدعوهم إلى تصديق ما معهم ، لأن من كفر بالقرآن فقد كفر بالتوراة { وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي من قبل مجيء محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا يستنصرون على المشركين لأن بني قريظة والنضير ، قد وجدوا نعته في كتبهم فخرجوا من الشام إلى المدينة ، ونزلوا بقربها ينتظرون خروجه . وكانوا إذا قاتلوا من يلونهم من المشركين مشركي العرب يستفتحون عليهم ، أي يستنصرون ويقولون : اللهم ربنا انصرنا عليهم باسم نبيك وبكتابك الذي تنزل عليه الذي وعدتنا - وكانوا يرجون أن يكون منهم - فينصروا على عدوهم فذلك قوله تعالى : { وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي باسم النبي - صلى الله عليه وسلم - { فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ } أي محمد - صلى الله عليه وسلم - وعرفوه { كَفَرُواْ بِهِ } وغيروا نعته مخافة أن تزول عنهم منفعة الدنيا . كما قال تعالى : { فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } أي سخط الله وعذابه على الجاحدين محمداً - صلى الله عليه وسلم - { بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ } قال الكلبي : بئسما باعوا به أنفسهم من الهدايا بكتمان صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - . ويقال : بئسما صنعوا بأنفسهم حيث كفروا بما أنزل الله عليهم بعد ما كانوا خرجوا من الشام على أن ينصروا محمداً - صلى الله عليه وسلم - . ويقال : بئس ما صنعوا بأنفسهم حسدا منهم فذلك قوله تعالى { أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ بَغْيًا } أي حسداً منهم . ومعنى قوله : { أَن يُنَزِّلَ ٱللَّهُ } أي كفروا مما ينزل الله . { مِن فَضْلِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ } أي لم يؤمنوا لأجل أن الله تعالى ينزل من فضله النبوة والكتاب على من يشاء { مِنْ عِبَادِهِ } من كان أهلاً لذلك وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - [ قرأ ابن كثير وأبو عمرو ( أن ينزل الله ) بالتخفيف ، وقرأ حمزة والكسائي وعاصم وابن عامر بالتشديد أن ينزل ، ونزل ينزل بمعنى واحد ] { فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ } أي استوجبوا اللعنة على أثر اللعنة . قال مقاتل : الغضب الأول حين كفروا بعيسى - صلى الله عليه وسلم - ثم استوجبوا الغضب الآخر حين كفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - . ويقال : الغضب الأول حين عبدوا العجل والغضب الثاني حين استحلوا السمك في يوم السبت . قوله تعالى : { وَلِلْكَـٰفِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ } أي يهانون فيه .