Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 94-96)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ الله خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ } أي الجنة . وذلك أن اليهود كانوا يقولون : إن الجنة لنا خاصة من دون سائر الناس . قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم قل لهم إن كان الأمر كما يقولون إن الجنة لكم خالصة خاصة . { فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ } أي سلوا الله الموت { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } أن الجنة لكم فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم : " قولوا إن كنتم صادقين : اللهم أمتنا ، فوالذي نفسي بيده لا يقولها رجل منكم إلا غص بريقه " يعني يموت مكانه . فأبوا أن يقولوا ذلك ، فنزل قوله تعالى : { وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } [ يعني بما عملوا من المعاصي . قال الزجاج : في هذه الآية أعظم حجة وأظهر دلالة على صحة رسالته - صلى الله عليه وسلم - لأنه قال لهم : فتمنوا الموت وأعلمهم أنهم لن يتمنوه أبداً فلم يتمنه واحد منهم ] . [ وفي هذه الآية دليل أن " لن " لا تدل على التأبيد لأنهم يتمنون الموت في الآخرة خلافاً لقوله المعتزلة في قولهم لن تراني ] ويقال : إن قوله ( لن ) إنما يقع على الحياة الدنيا خاصة ، ولم يقع على الآخرة لأنهم يتمنون الموت في النار إذا كانوا في جهنم ولو أنهم سألوا الموت في الدنيا ولم يموتوا ، وكان ( في ) ذلك تكذيباً لقول النبي صلى الله عليه وسلم وكان في ذلك أيضاً ذهاب معجزته . فلما لم يتمنوا الموت ثبت بذلك عندهم أنه رسول الله وظهر عندهم معجزته ، وظهر أن الأمر كما قال تعالى { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّـٰلِمينَ } فهو عليم بهم وبغيرهم من الظالمين وإنما الفائدة ها هنا أنه عليم بمجازاتهم . ثم قال عز وجل { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَـٰوةٍ } يعني أن اليهود أحرص الناس على البقاء { وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } يعني أحرص من الذين أشركوا . قال الكلبي : الذين أشركوا يعني المجوس . وقال مقاتل : أحرص الناس على حياة ، وأحرص من الذين أشركوا يعني مشركي العرب . فإن قيل : كيف يصح تفسير الكلبي والمجوس لا يسمون مشركين ؟ قيل له : المجوس مشركون في الحقيقة ، لأنهم قالوا بإلهين اثنين : النور والظلمة : قوله تعالى { يَوَدُّ أَحَدُهُمْ } ( يعني المجوس ) يقولون لملوكهم في تحيتهم : عش عشرة آلاف سنة وكل ألف نيروز . وقال مقاتل : يود أحدهم يعني اليهود { لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ } ثم قال { وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ ٱلْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ } يعني طول حياته لا يبعده ولا يمنعه من العذاب وإن عاش ألف سنة كما تمنى { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } أي عالم بمجازاتهم بأعمالهم .