Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 115-123)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ } يعني : أمرنا آدم - عليه السلام - بترك أكل الشجرة من قبل يعني : من قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - { فَنَسِىَ } يعني : فترك أمرنا { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } أي : حفظاً لما أمر به ، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال : " عهدنا إلى آدم فَنَسِيَ " يعني : فترك أمرنا ( وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) يعني : حزماً صريماً وقال قتادة يعني : صبراً وقال السدي : مثله وقال عطية ( وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) أي حفظاً بما أمر به روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال عهد إلى آدم فنسي فسمي الإنسان وقال القتبي النسيان ضد الحفظ كقوله تعالى { فَإِنِّى نَسِيتُ ٱلْحُوتَ } [ الكهف : 63 ] والنسيان الترك كقوله : { وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ } وكقوله { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـٰذَا } وكقوله { وَلاَ تَنسَوُاْ ٱلْفَضْلَ بَيْنَكُمْ } [ البقرة : 237 ] { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لاِدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ } أي : تعظم عنا السجود { فَقُلْنَا يٰـئَادَمُ إِن هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ } يعني إبليس عدو لك ولزوجك حواء فاحذرا منه { فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ } يعني : فتتعب ويتعبا بعمل كفيك ولا تأكل إلا كداً بعد النعمة وقال سعيد بن جبير لما هبط آدم من الجنة وكلف العمل فكان يمسح العرق عن جبينه فذلك قوله ( فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ) وهو العرق الذي مسحه من الجبين ثم قال عز وجل { إِنَّ لَكَ أَن لا تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ } يعني : أن حالك ما دمت في الجنة لا تجوع ولا تعرى من الثياب { وَإِنَّكَ لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا } يعني : لا تعطش في الجنة { وَلاَ تَضْحَىٰ } يعني لا يصيبك الضحى وهو حر الشمس قرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر ( وإنك ) بالكسر على معنى الابتداء وقرأ الباقون وإنك بالنصب على معنى البناء قوله عز وجل { فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَـٰنُ قَالَ يـا ءادَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ } من أكل منها خلد ولم يمت { وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } يعني : هل أدلك على ملك لا يفنى فهو أكل الشجرة { فَأَكَلاَ مِنْهَا } يعني : من الشجرة وقد ذكرنا تفسير الشجرة في سورة البقرة { فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءتُهُمَا } أي ظهرت لهما عوراتهما { وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ } أي : عمدا يلزقان { عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءادَمُ رَبَّهُ } أي : ترك أمره بأكله من الشجرة { فَغَوَىٰ } أي : أخطأ ولم يصب بأكله ما أراد وما وعد له من الخلود { ثُمَّ ٱجْتَبَـٰهُ رَبُّهُ } أي : اختاره واصطفاه بالنبوة { فَتَابَ عَلَيْهِ } يعني : تجاوز عنه وقبل توبته { وَهَدَىٰ } يعني : هداه الله تعالى للتوبة بكلمات تلقاها { قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً } يعني : من الجنة آدم وحواء وإبليس والحية { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى } يعني : يا ذرية آدم سيأتيكم مني الكتب والرسل خاطبه به وعنى ذريته { فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ } يعني : أطاع كتبي ورسلي { فَلاَ يَضِلُّ } باتباعه إياها في الدنيا { وَلاَ يَشْقَىٰ } في الآخرة وروى سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال من قرأ القرآن واتبع ما فيه هداه الله من الضلالة ووقاه يوم القيامة سوء الحساب فذلك قوله { فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى } .