Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 38-41)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } يعني : يدفع كفار مكة عن الذين آمنوا فلا ينالون منهم شيئاً وقال الزجاج : إذا فعلت هذا وخالفتم أهل الجاهلية فيما يفعلون في نحرهم وإشراكهم فإن الله يدافع عن حزبه أي المؤمنين ويقال : إن أهل مكة آذوا المسلمين قبل الهجرة فاستأذنوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في قتالهم في السر فنهاهم الله عز وجل عند ذلك ثم قال عز وجل : { إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } يعني : يدفع أذاهم عن المسلمين فأمرهم بالصبر قرأ ابن كثير وأبو عمرو ( إنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ ) بغير ألف والباقون يدافع بالألف من دافع يدافع بمعنى دفع ثم قال { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ } يعني : أثيم لأمانته كفور لربه ولنعمته وقال أهل اللغة : الخوان الفعال من الخيانة وهو المبالغة في الخيانة فمن ذكر اسماً غير اسم الله وتقرب إِلى الأصنام بذبيحته فهو خوان كفور قوله عز وجل : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَـٰتَلُونَ } يعني : أذن للمؤمنين بقتال المشركين { بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ } يعني : أذن لهم بالقتال بسبب أنهم ظلموا قرأ عاصم في رواية حفص ( أُذن ) بضم الألف على معنى [ فعل ما لم يسم فاعله ] أذن الله للذين يقاتلون بنصب التاء [ على معنى أنهم مفعولون وقرأ ابن عامر أذن بنصب الألف على معنى أَذن الله للذين يقاتلون بنصب التاء ] وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وأبو عمرو أذن بالضم يقاتلون بالكسر وقرأ الباقون بالنصب قرأ حمزة والكسائي وابن كثير يقاتلون بالكسر ثم قال : { وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } يعني : قادر وكان المشركون لا يزالون يؤذونهم باللسان وباليد فشكوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما هاجروا أمروا بالقتال ثم أخبر الله عن ظلم كفار مكة فقال عز وجل : { ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ } يعني : بلا جرم أجرموا { إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ } يعني لم يخرج كفار مكة المؤمنين بسبب سوى أنهم كانوا يقولون ربنا الله فأخرجوهم بهذا السبب ويقال : في الآية تقديم ومعناه ( أذن للذين يقاتلون ) الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله { وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } ثم قال : { وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ } بالجهاد [ وإقامة ] الحدود وكف الظلم يقول : لولا أن يدفع المشركين بالمؤمنين لغلب المشركون فقتلوا المؤمنين { لَّهُدّمَتْ صَوٰمِعُ وَبِيَعٌ } ويقال : ولولا دفع الله بالأنبياء وبالمؤمنين من غيرهم لهدمت صوامع الرهبان وبيع النصارى { وَصَلَوٰتٌ } يعني : كنائس اليهود { وَمَسَـٰجِدُ } المسلمين { يُذْكَرُ فِيهَا ٱسمُ ٱللَّهِ كَثِيراً } وقال مجاهد : لولا دفع الله تعالى الناس بعضهم ببعض في الشهادة في الحق لهدمت هذه الصوامع وما ذكر معها وقال الزجاج : تأويل هذا ولولا أن دفع الله بعض الناس ببعض لهدمت في شريعة كل نبي المكان الذي يصلي فيه [ فكان معناه لولا دفع الله ] لهدم في زمن موسى الكنائس وفي زمن عيسى البيع وفي زمن محمد - صلى الله عليه وسلم - [ وعلى جميع الأنبياء ] المساجد قرأ نافع ولولا دفاع الله بالألف والباقون بغير ألف وقرأ ابن كثير ونافع لهدمت بالتخفيف والباقون بالتشديد على معنى المبالغة والتكثير ثم قال : { وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ } يعني : لينصرن بالغلبة على عدوه من ينصره بنبيه - محمد صلى الله عليه وسلم - ويقال لينصرن الله من ينصره يعني : ينصر الله من ينصر دينه بالغلبة كما قال في آية أخرى { إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ } [ محمد : 7 ] ثم قال { إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ } أي منيع قادر على أن ينصر محمداً - صلى الله عليه وسلم - بغير عونكم قوله عز وجل { ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّـٰهُمْ فِى ٱلأَرْضِ } يعني إن أنزلناهم بالمدينة وهم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - قوله : { أَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ } يعني بالتوحيد واتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - { وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } أي : عن الشرك { وَلِلَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلأُمُورِ } يعني : لله ترجع عواقب الأمور يعني : عاقبة أمور العباد في الآخرة .