Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 36-48)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ } قرأ أبو جعفر المدني هيهات هيهات كلاهما بكسر التاء قال أبو عبيد قراءتها بالنصب لأنه أظهر اللغتين وأفشاهما وقال بعضهم : قد قُرىء هذا الحرف بسبع قراءات بالكسر والنصب والرفع والتنوين وغير التنوين والسكون وهذه الكلمة يعبر بها عن البعد يعني : بعيداً بعيداً ومعناه أنهم قالوا هذا لا يكون أبداً يعني البعث { لِمَا تُوعَدُونَ } يعني : بَعِيداً بَعيداً لِمَا تُوْعَدُونَ { إِنْ هِىَ } يعني : ما هي { إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا } يعني : نحيا ونموت على وجه التقديم ويقال : معناه يموت الآباء وتعيش الأبناء { وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } يعني : لا نبعث بعد الموت { إِنْ هُوَ } يعني ما هو { إِلاَّ رَجُلٌ ٱفتَرَىٰ عَلَىٰ ٱللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ } أي : بمصدقين فلما كذبوه دعا عليهم { قَالَ رَبّ ٱنصُرْنِى } يعني : قال هود أعني عليهم بالعذاب { بِمَا كَذَّبُونِ قَالَ } الله تعالى { عَمَّا قَلِيلٍ } يعني عن قريب وما صلة كقوله { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ } [ آل عمران : 159 ] { لَّيُصْبِحُنَّ نَـٰدِمِينَ } يعني : ليصيرن نادمين فأخبر الله تعالى عن معاملة الذين كانوا من قبل مع أنبيائهم وسوء جزائهم وأذاهم لأنبيائهم ليصبر النبي - صلى الله عليه وسلم - على أذى قومه ثم أخبر عن عاقبة أمرهم فقال تعالى : { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ بِٱلْحَقِّ } يعني : العذاب وهو الريح العقيم ويقال : وهي صيحة جبريل عليه السلام { فَجَعَلْنَـٰهُمْ غُثَاءً } يعني : يابساً ويقال : هلكى كالغثاء وهو جمع غثاء وهو ما على السيل من الزبد لأنه يذهب ويتفرق وقال الزجاج : الغثاء البالي من ورق الشجر أي : جعلناه يبساً كيابس الغثاء ويقال : الغثاء النبات اليابس كقوله { فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ } [ الأعلى : 5 ] ثم قال : { فَبُعْداً } يعني : سحقاً ونكساً { لّلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني : بعداً من رحمة الله تعالى قوله عز وجل { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً } يعني : خلقنا من بعدهم قروناً { ءاخَرِينَ مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا } وفي الآية مضمر ومعناه فأهلكناهم بالعذاب في الدنيا ما تسبق من أمة يعني : ما يتقدم ولا تموت قبل أجلها طرفة عين { وَمَا يَسْتَأخِرُونَ } بعد أجلهم طرفة عين قوله عز وجل : { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَاً } يعني : بعضها على إثر بعض قرأ ابن كثير وأبو عمرو ( تترىً ) بالتنوين وقرأ حمزة والكسائي بكسر الراء بغير تنوين وقرأ الباقون بنصب الراء وبغير تنوين وهو التواتر قال مقاتل : كلما في القرآن ( تَتْراً وَمِدْرَاراً وَأَبَابِيلَ وَمُرْدِفِينَ يعني : بعضها على إثر بعض قال القتبي : أصل تترى وتراً فقلبت الواو تاءً كما قلبوها في التقوى والتخمة وأصلها وتراً والتخمة وأصلها ثم قال عز وجل { كُلَّمَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً } بالهلاك الأول فالأول { فَجَعَلْنَـٰهُمْ أَحَادِيثَ } أي : أخباراً وعبراً لمن بعدهم ويقال فجعلناهم أحاديث لمن بعدهم يتحدثون بأمرهم وشأنهم وقال الكلبي : ولو بقي واحد منهم لم يكونوا أحاديث { فَبُعْداً } لِلْهَالِكِ ويقال فسحقاً { لّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } يعني لا يصدقون قوله عز وجل : { ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَـٰرُونَ بِـئَايَـٰتِنَا } التسع { وَسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } يعني : بحجة بينة { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } أي : قومه { فَٱسْتَكْبَرُواْ } يعني : تعظموا عن الإيمان والطاعة { وَكَانُواْ قَوْماً عَـٰلِينَ } يعني متكبرين { فَقَالُواْ أَنُؤْمِنُ } يعني أنُصَدق { لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا } يعني : خلقين آدميين { وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَـٰبِدُونَ } أي : مستهزئين ذليلين { فَكَذَّبُوهُمَا } يعني : موسى وهارون { فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ } يعني : صاروا مغرقين في البحر .