Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 112-115)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال : { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ } يقول : جُعِلَت عليهم الجزية ويقال : أَلْزِم عليهم القتال { أَيْنَمَا ثُقِفُواْ } أي وُجدوا { إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ ٱللَّهِ } أي بعهد من الله { وَحَبْلٍ مِّنَ ٱلنَّاسِ } يعني تحت قوم يؤدون إليهم الجزية ، فإن لم يكن لهم عهد قتلوا { وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ } يقول : استوجبوا الغضب من الله تعالى . ويقال : رجعوا بغضب من الله { وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلْمَسْكَنَةُ } يعني جعل عليهم زي الفقر قال الكلبي : فترى الرجل منهم غنياً وعليه من البؤس ( والفقر ) والمسكنة . ويقال : إنهم يظهرون من أنفسهم الفقر ، لكيلا تضاعف عليهم الجزية { ذٰلِكَ } الذي يصيبهم { بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ } ومحمد - صلى الله عليه وسلم - وبالقرآن { وَيَقْتُلُونَ ٱلأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ } يعني رضوا بما فعل آباؤهم ، فكأنهم قتلوهم { ذٰلِكَ } الغضب { بِمَا عَصَواْ } الله { وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ } . بأفعالهم ( كلما ) ذكر الله عقوبة قوم في كتابه ( بين ) المعنى الذي يعاقبهم لذلك ، لكيلا يظن أحد أنه عذَّبهم بغير جُرْم . ثم بيَّن فضيلة من آمن من أهل الكتاب ، على من لم يؤمن فقال تعالى : { لَيْسُواْ سَوَاءً } قال بعضهم : هذا معطوف على الأول " منهم المؤمنون ، وأكثرهم الفاسقون " ليسوا سواء في الثواب ، فيكون ها هنا وقف . وقال بعضهم : هذا ابتداء ويكون فيه مضمر فكأنه يقول : ليس من آمن منهم ، ويتلون آيات الله كمن هو كافر . كقوله تعالى : { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيْلِ سَـٰجِداً وَقَآئِماً } [ الزمر : 9 ] معناه ليس كالذي هو من أهل النار ، فكذلك ها هنا قال : ليس من آمن { مّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ } كمن لم يؤمن ، فبين الذين آمنوا فقال : من أهل الكتاب { أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } يعني مُهَذَّبة عاملة بكتاب الله تعالى . ويقال : مستقيمة . وروى الزجاج عن الأخفش قال : ذو أمة قائمة ، يعني ذو طريقة قائمة { يَتْلُونَ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ } يعني القرآن في الصلاة { آنَآءَ ٱللَّيْلِ } يعني في ساعات الليل { وَهُمْ يَسْجُدُونَ } أي يصلون لله . قوله { يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } يعني يقرون بالله وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - { وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } أي باتباعه { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } أي عن الشرك { وَيُسَـٰرِعُونَ فِي ٱلْخَيْرٰتِ } أي يبادرون إلى الطاعات ، والأعمال الصالحة { وَأُوْلَـئِكَ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } أي مع الصالحين ، وهم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - في الجنة . { وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ } يعني لن تجحدوه ولن تنسوه ، يقول : تجزون به ، وتثابون عليه في الآخرة . وهذا كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " البرُّ لا يَبْلَى والإثم لا يُنسى " ثم قال تعالى : { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } أي عليم بثوابهم وهم مؤمنو أهل الكتاب ، ومن كان بمثل حالهم . قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص . { وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ } كلاهما بالياء ، والباقون كلاهما بالتاء على معنى المخاطبة .