Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 145-147)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ } قبل أجلها { إِلاَّ بِإِذْنِ الله } { كِتَـٰباً مُّؤَجَّلاً } يقول : في موتها كتاباً مؤجلاً في اللوح ، فلا يسبق أجله . وقال الزجاج : قوله كتاباً مؤجلاً ، أي كتب كتاباً ذا أجل ، وهو الوقت المعلوم ، وذكر الكتاب على معنى التأكيد [ كقوله : { كِتَـٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } [ النساء : 24 ] أي أن المحرمات مفروضة عليكم على معنى التأكيد ] . وفي هذه الآية إبطال قول المعتزلة : لأنهم يقولون : إن من قتل فإنما يهلك قبل أجله وكل ما ذبح من الحيوان كان هالكاً قبل أجله لأنه يجب على القاتل الضمان والدية ، وقد بين الله تعالى في هذه الآية أنه لا تهلك نفس قبل أجلها . { وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا } . قال الكلبي : يعني يرد ثواب الدنيا بالعمل الذي افترض الله عليه " نُؤْتِهِ مِنْهَا " يعني أعطاه الله ما يحب ، وما له في الآخرة من نصيب { وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي ٱلشَّـٰكِرِينَ } في الآخرة . ومن الناس من قال : إن الرياء يدخل في النوافل ، ولا يدخل في الفرائض لأن الفرائض واجبة على جميع الناس . وقال بعضهم : يدخل في الفرائض ولا يدخل في النوافل ، لأنه لو لم يأت بها لا يؤاخذ بها ، فإذا أتى بهذا القدر ليس عليه غير ذلك . وقال بعضهم : كلاهما سواء ، فالرياء [ يدخل ] في الفرائض والنوافل جميعاً ، وهذا القول أصح ، لقوله تعالى : { وَإِذَا قَامُوۤاْ إِلَى ٱلصَّلَـٰوةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ } [ النساء : 142 ] . ثم إن الله تعالى أخبرهم بما لَقِيَتِ الأنبياءُ والمؤمنون قبلهم ( فعزَّاهم ) ليصبروا فقال تعالى سبحانه : { وَكَأَيّن مّن نَّبيٍّ } قرأ ابن كثير { وكأين } بعد الألف والهمزة ، وقرأ الباقون بغير مد ومعناهما واحد ، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو " وكأيِّن من نبي " " قُتِل " بضم القاف وكسر التاء ، وقرأ الباقون : { قَاتل } فمن قرأ " قاتل " فمعناه كم من نبي قاتل معه جموع كثيرة ، ومن قرأ " قتل " معناه وكم من نبي قتل { مَعَهُ } جماعة كثيرة ، وقوله : { رِبِّيُّونَ } . قال الكلبي : الربية الواحدة من عشرة آلاف . وقال الزجاج : ها هنا قراءتان " رُبِّيُّون " بضم الراء ، [ ورِبِّيّون ] بكسرها ، فأما بالضم فهي الجماعة الكثيرة ، عشرة آلاف ، وأما الرِّبّيُّون بالكسر : العلماء الأتقياء الصبراء على ما يصيبهم في الله تعالى . ويقال : " وكأين من نبي قتل " . يعني : كم من نبي قتل وكان معه ربيون كثير { فَمَا وَهَنُواْ } بعد قَتْلِهِ عن القتال ، وما عجزوا بما نزل بهم من قتل أنبيائهم وأنفسهم { لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ } لَعدُوِّهم ويقال : وما جبنوا [ ثم قال ] : { وَمَا ٱسْتَكَانُواْ } يقول : وما خضعوا لعدوهم ، ولكنهم صبروا { وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّـٰبِرِينَ } فكأنه يقول للمؤمنين فهلا قاتلتم مع نبيكم - صلى الله عليه وسلم - وبعد قتله وإن قتل كما قاتلت القرون الماضية من قبلكم إذا أصيبت أنبياؤهم . ثم أخبر عن قول الذين قاتلوا مع النبيين ، فقال تعالى : { وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ } عند قتل أنبيائهم { إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا } أي هي دون الكبائر { وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا } أي العظائم من الذنوب { وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا } عند القتال { وَٱنصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَـٰفِرِينَ } معناه ، هلاّ قلتم كما قالوا ، وقاتلتم كما قاتلوا . وقرأ بعضهم : " قولهم " بالضم والمعنى في ذلك أنه جعل القول اسم كان ، فيكون معناه : وما كان قولهم إلا قولهم ربنا اغفر لنا ذنوبنا . ومن قرأ بالنصب جعل القول خبر كان ، وجعل الإسم ما بعده .