Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 26-27)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلِ ٱللَّهُمَّ مَـٰلِكَ ٱلْمُلْكِ } . قال ابن عباس في رواية أبي صالح نزلت في شأن المنافقين ، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فتح مكة ، قال عبد الله بن أبي [ رأس ] المنافقين : [ إن محمداً ] يتمنى أن ينال ملك فارس والروم وأنَّى له ذلك ؟ فنزلت هذه الآية . وقال بعضهم : سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه أن يجعل له ملك فارس والروم في أمته ، فعلمه الله بأن يدعو بهذا الدعاء ، وهو قول مقاتل . وقال بعضهم : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أمر بحفر الخندق فظهر في الخندق صخرة عجزوا عن حفرها ، فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - المعول ، وضرب ضربة فظهر من تلك الصخرة نور فقال له سلمان ، رأيت شيئاً عجيباً . فقال له النبي : هل رأيت ذلك ؟ قال : نعم . فقال : رأيت في ذلك النور قصور أهل الشام . ثم ضرب ضربة أخرى فظهر أيضاً كذلك . فقال : رأيت قصور أهل فارس ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : سيظهر لأمتي ملك الشام ، وملك فارس " ، فقال المنافقون : إن محمداً لا يأمن على نفسه واضطر إلى حفر الخندق ، فكيف يتمنى ملك الشام وفارس فنزلت هذه الآية . وقال بعضهم : إن مشركي مكة قالوا : إن فارس والروم يبيتان في الحرير والديباج ، فلو كان هو نبياً ، كيف ينام على الحصير ؟ فنزلت هذه الآية . { قُلِ ٱللَّهُمَّ مَـٰلِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَاء } وأصل اللهم في اللغة يا الله أمنا بخير أي اقْصِدْنا بالرحمة ، ولكن لما كثر استعمال هذا اللفظ في الناس ، صارت الكلمتان [ ككلمة ] واحدة [ فقال ] : { ٱللَّهُمَّ } ، يعني : اللهم يا مالك الملك تؤتي الملك من تشاء يعني تؤتي محمداً - صلى الله عليه وسلم - ومن تبعه : { وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء } من فارس والروم { وَتُعِزُّ مَن تَشَاء } يعني أهل الإسلام { وَتُذِلُّ مَن تَشَاء } يعني أهل الشرك والطغيان ، { بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ } يعني النصرة والغنيمة والعز ، { إِنَّكَ عَلَىٰ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } من الذل والعز . وقال الضحاك : " تؤتي الملك من تشاء " يعني الإسلام ، " وتعز من تشاء " بالإسلام ، " وتذل من تشاء " بالشرك ، " بيدك الخير " ، يعني الهداية والسعادة ، " إنك على كل شيء قدير " وقال الزَّجَّاج : " تؤتي الملك من تشاء " معناه ، تولي الملك من تشاء أن تؤتيه وتنزع الملك ممن تشاء أن تنزعه ، إلا أنه حذف " الهاء " لأن في الكلام دليلاً عليه قال مقاتل : وقد قيل في الملك قولان : أحدهما هو المال والعبيد ، والآخر من جهة الغلبة بالدين . ثم قال تعالى : { تُولِجُ ٱلَّيْلَ فِي ٱلْنَّهَارِ } يعني ما نقص من الليل دخل في النهار حتى يبلغ خمسة عشرة ساعة ، هو أطول ما يكون ، والليل تسع ساعات وهو أقصر ما يكون { وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيْلِ } يعني أن ما نقص من النهار دخل في الليل حتى يصير الليل خمس عشرة ساعة والنهار تسع ساعات ، وهو قول الكلبي ، ويقال : { تُولِجُ ٱلَّيْلَ فِي ٱلْنَّهَارِ } أي تذهب بالليل وتجيء بالنهار وتذهب بالنهار وتجيء بالليل ، هكذا إلى أن تقوم الساعة ، ثم قال : { وَتُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ وَتُخْرِجُ ٱلَمَيّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ } . فقرأ نافع وحمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص " المَيِّت " بالتشديد [ و ] الباقون المَيْت بالتخفيف ، وهما لغتان ومعناهما واحد . قال الكلبي : يعني تخرج البيضة ، وهي ميتة من الطير وهو حي وتخرج الطير الحي من البيضة الميتة ، وتخرج النطفة وهي ميتة من الإنسان الحي وتخرج الإنسان الحي من النطفة الميتة وتخرج الحبة من السنبلة [ إلى آخره ] وقال الحسن البصري : يخرج المؤمن من الكافر ، ويخرج الكافر من المؤمن . ويقال : يخرج الجاهل من العالم ، ويخرج العالم من الجاهل وروى معمر عن الزهري " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على بعض نسائه فإذا بامرأة حسنة الهيئة ، فقال من هذه ؟ قالوا : إحدى خالاتك قال : ومن هي ؟ قالوا : هي خالدة بنت الأَسْود بن عَبْد يغوث . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : سبحان الذي يخرج الحَيّ من الميت " وكانت امرأة صالحة ، وكان أبوها كافراً . ثم قال تعالى : { وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ } يعني من غير أن تحاسب في الإعطاء فكأنه يقول : ليس فوقه من يحاسبه في الإعطاء ، كما قال تعالى : { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ، وَهُمْ يُسْألُونَ } [ الأنبياء : 23 ] ويقال : من غير أن يحاسبه في الإعطاء . ويقال : بغير تقتير ، ويقال : بغير حساب . كما قال : { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } [ الطلاق : 3 ] .