Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 39-40)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَنَادَتْهُ ٱلْمَلاَئِكَةُ ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي ٱلْمِحْرَابِ } قرأ حمزة والكسائي بالياء ، [ أي جبريل ] عليه السلام وإنما صار مذكراً على معنى الجنس كما يقال : فلان ركب السفن ، وإنما ركب سفينة واحدة ، وقرأ الباقون " فنادته " على معنى التأنيث ، لأن اللفظ لفظ الجماعة ، والمراد به أيضاً جبريل { أَنَّ ٱللَّهَ يُبَشّرُكَ بِيَحْيَـىٰ } . قرأ حمزة وابن عامر " إن الله يبشرك " بكسر الألف ، ومعناه فنادته الملائكة وقالوا له إن الله يبشرك وقرأ الباقون بالنصب ومعناه : فنادته الملائكة بأن الله يبشرك بيحيـى . قال مقاتل : اشتق اسمه من اسم الله تعالى والله تعالى حي فسماه الله تعالى يحيـى ، ويقال : لأنه أحيا [ به ] رحم أمه . ويقال : لأنه حي به المجالس . [ ويقال غير ذلك بيحيى بأن الله يحييه فيكون حياً عند الله أبداً لأنه شهيد ، قال الله تعالى : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَٰتاً بَلْ أَحْيَاءٌ } [ آل عمران : 169 ] ] . ثم قال تعالى : { مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ } يعني بعيسى عليه السلام وكان يحيـى أول من صدق بعيسى - عليهما السلام - وهو ابن ثلاث سنين فشهد له : أنه كلمة الله وروحه ، فلما شهد بذلك يحيـى عجب بنو إسرائيل لصغره فلما [ شهد ] سمع زكريا شهادته ، فقام إلى عيسى فضمه إليه وهو في خرقه ، وكان يحيـى أكبر من عيسى بثلاث سنين . وقال بعضهم : صدقه وهو في بطن أمه ، كانت أم يحيـى عند مريم إذ سجد يحيـى بالتحية لعيسى ، وكل واحد منهما كان في بطن أمه وذلك قوله : مصدقاً بكلمة من الله { وَسَيِّدًا } يعني حكيماً { وَحَصُورًا } يعني لا يأتي النساء وهو قول الكلبي . وقال سعيد بن جبير : السيد الذي يملك غضبه ، والحصور الذي لا يأتي النساء ، وقال مقاتل : يعني لا ماء له ، يعني أن : يحيـى لم يكن له ماء في الصلب ، وقال بعضهم : هذا لا يصح ، لأن العنة عيب بالرجال والنبي . لا يكن معيباً ، ولكن معناه ، أنه كان مانعاً نفسه من الشهوات ، لأن الذي يمنع [ نفسه ] من الشهوات مع قدرته ، كانت فضيلته أكثر من الذي لا قدرة له . ثم قال تعالى : { وَنَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } يعني أن يحيـى كان نبياً من الصالحين فلما بشره جبريل بذلك : { قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَـٰمٌ } ، قال ذلك على وجه التعجب لا على وجه الشك ، قال لجبريل : رب أي يا سيدي : من أين يكون لي غلام يعني ولد ، وهذا قول الكلبي . وقال بعضهم قوله : رب ، يعني قال : يا الله على وجه الدعاء يا رب من أين يكون لي ولد ، { وَقَدْ بَلَغَنِي ٱلْكِبَرُ } قال القتبي : هذا من المقلوب يعني بلغت الكبر . وقال الكلبي كان يوم بشر ابن تسعين سنة وامرأته قريبة في السن منه ، وقال الضحاك : كان ابن مائة وعشرين سنة ، فذلك قوله : { وَقَدْ بَلَغَنِي ٱلْكِبَرُ } أي الهرم ، { وَٱمْرَأَتِي عَاقِرٌ } لا تلد ، { قَالَ كَذٰلِكَ } قال بعضهم : تم الكلام عند قوله كذلك ، يعني ، هكذا كما قلت : إنه قد بلغك الكبر ، وامرأتك عاقر ، ثم قال تعالى : { ٱللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ } وقال بعضهم : معناه ، قال كذلك ، يعني : الله تعالى ، هكذا قال : أنه يكون لك ولد ، والله يفعل ما يشاء إن شاء أعطاك الولد في حال الصغر وإن شاء في حال الكبر .