Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 30-35)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينِ حَنِيفاً } أي : أخلص دينك الإسلام للدين حنيفاً يعني : للتوحيد مخلصاً ويقال : يذكر الوجه ويراد به هو فكأنه يقول : فأقم الدين مخلصاً ويقال : معناه فأقبل بوجهك إلى الدين وأقم عليه حنيفاً أي مخلصاً مائلاً إليه ويقال : أخلص دينك وعملك لله تعالى وكن مخلصاً ثم قال { فِطْرَةَ ٱللَّهِ } يعني : اتبع دين الله ويقال اتبع ملة الله ويقال الفطرة الخلقة يعني خلقة الله { ٱلَّتِى فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا } أي خلق البشر عليها كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - " كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة هل تحسبون فيها من جدعاء " وروي عن أبي هريرة أنه قال : " اقرأوا إن شئتم ( فطرة الله الذي فطر الناس عليها ) " يعني خلق الناس عليها وفي الخبر أنه قال " كل مولود يولد على الفطرة لأنه شهد يوم الميثاق " ثم قال : { لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ } يعني : لا تغيير لدين الله ويقال لا تبديل لخلق الله عندما خلق الله الخلق لم يكن لأحد أن يغير خلقته ثم قال : { ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيّمُ } يعني : التوحيد هو الدين المستقيم { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } يعني : كفار مكة لا يعلمون بتوحيد الله . قوله عز وجل : { مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ } انصرف إلى قوله { فَأَقِمْ وَجْهَكَ } يعني : فأقبل بوجهك منيباً إليه ويجوز أن يخاطب الرئيس بلفظ الجماعة لأن له أتباعاً وإنما يراد به هو وأتباعه كما قال : { يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ } [ الطلاق : 1 ] منيبين إليه يعني : راجعين إليه من الكفر إلى التوحيد { وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } يعني : وأتموا الصلوات الخمس { وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } على دينهم { مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ } يعني : تركوا دين الإسلام الذي أمروا به { وَكَانُواْ شِيَعاً } فجعلوه أدياناً يعني : تركوا دينهم وصاروا فرقاً اليهود والنصارى والمجوس قرأ حمزة والكسائي فارقوا بالألف وقرأ الباقون فرقوا بغير ألف فمن قرأ فارقوا يعني : تركوا دينهم ، ومن قرأ فرقوا دينهم يعني : افترقت اليهود إحدى وسبعين فرقة ، والنصارى اثنين وسبعين فرقة ، والمسلمون ثلاثة وسبعين فرقة { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } يعني : كل أهل دين بما عندهم من الدين راضون قوله عز وجل : { وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ } يعني : إذا أصاب الكفار شدة { دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ } يعني : منقلبين إليه بالدعاء عند الشدة والقحط { ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مّنْهُ رَحْمَةً } يعني : إذا أصابهم من الله نعمة وهي السعة في الرزق والخصب { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبّهِمْ يُشْرِكُونَ } يعني : تركوا توحيد ربهم في الرخاء وقد وحدوه في الضراء قوله عز وجل : { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءاتَيْنَـٰهُمْ } قال مقاتل تقول : أذاقهم رحمة لئلا يكفروا بالذي أعطاهم من الخير ويقال كانت النعمة سبيلاً للكفر فكأنه أعطاهم لذلك كما قال { فَٱلْتَقَطَهُ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } [ القصص : 8 ] وقرىء في الشاذ يشركون ليكفروا بجزم اللام فيكون أمراً على وجه الوعيد والتهديد ثم قال : { فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } يعني : فتمتعوا قليلاً إلى آجالكم فسوف تعلمون ما يفعل بكم يوم القيامة ثم قال عز وجل : { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰناً } يعني : كتاباً من السماء { فَهُوَ يَتَكَلَّمُ } يعني : ينطق { بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ } يعني : بما كانوا يقولون من الشرك ، اللفظ لفظ الاستفهام ، والمراد به النفي يعني : لم ينزل عليهم حجة بذلك وقال القتبي : فهو يتكلم فهو من المجاز ومعناه أنزلنا عليهم برهاناً يستدلون به فهو يدلهم على الشرك ويقال : أم أنزلنا عليهم عذراً بذلك .