Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 41-45)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } يعني : قحط المطر ونقص الثمار للناس والدواب يعني : نقص النبات في البر للدواب والوحوش وفي البحر يعني القرى والأرضين ينقصان الثمار والزرع سمى القرى والمدائن بحراً لما يجري فيها من الأنهار ، ويقال البحر نفسه لأنه إذا لم يكن مطر فإنه لا يخرج منه اللؤلؤ { بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ٱلنَّاسِ } أي : بما عملوا من المعاصي ، ويقال : من أذنب ذنباً فجميع الخلق من الإنس والجن والدواب والوحوش والطير والذر خصماؤه يوم القيامة لأنه يمنع المطر بالمعصية فيضر بأهل البر والبحر ، وروي عن ثقيف الزاهد أنه قال من أكل الحرام فقد خان جميع الناس حيث لا يستجاب دعاؤه ، ويقال : ظهر الفساد في البر والبحر يعني : ظهرت المعاصي في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس يعني : بكسب الناس ، فأول فساد البر كان من قابيل حيث قتل أخاه هابيل ، وأول فساد البحر كان من جلندا حيث كان يأخذ كل سفينة غصباً وقال عطية العوفي ظهور الفساد : قحوط المطر ، قيل له هذا فساد البر ، فما فساد البحر ؟ قال : إذا قل المطر قل الغوص وقال قتادة : ظهر الفساد في البر والبحر يعني امتلأت الضلالة والظلم في الأرض وروي عن أبي العالية أنه قال : البر الأعضاء والبحر القلوب يعني ظهر الفساد في الناس في الأعضاء وفي القلوب ثم قال : { لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ } يعني : يعذبهم ببعض ذنوبهم في الدنيا ويدخر البعض في الآخرة والذوق إنما هو كناية عن التعذيب فكأنه يقول يعذبهم بالجوع والقحط في الدنيا { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } أي : لكي يرجعوا عن الكفر قرأ ابن كثير لنذيقهم بالنون أي لنذيقهم نحن وقرأ الباقون بالياء يعني : ليذيقهم الله عز وجل ثم خوفهم فقال عز وجل : { قُلْ سِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } أي سافروا فيها { فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلُ } يعني : كيف كان آخر أمر من كان قبلهم { كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ } فيعتبروا بذلك والنظر على وجهين : يقال نظر إليه إذا نظر بعينه ، ونظر فيه إذا تفكر بقلبه ، وها هنا قال فانظروا ولم يقل فيه ولا إليه فهو على الأمرين جميعاً ثم قال عز وجل : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينَ ٱلْقِيِّمِ } يعني : أخلص دينك الإسلام القيم يعني : المستقيم ، ويقال أقبل بوجهك إليه ويقال اثبت عليه { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ } يعني : يوم القيامة لا يقدر أحد أن يرد ذلك اليوم من الله ، ويقال يعني : ذلك اليوم من الله ويقال لا خلف لذلك الوعد من الله { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } يعني : يتصدعون فأدغم التاء في الصاد وشدد يعني : يتفرقون فريق في الجنة وفريق في السعير ثم قال عز وجل : { مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } يعني : جزاء كفره وعقوبته { وَمَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً } يعني : وحده وعمل بالطاعة بعد التوحيد { فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } قال مقاتل : أي يقدمون وقال مجاهد : يعني لأنفسهم يفرشون في القبر ويقال في الجنة ، ويقال فلأنفسهم يعملون ويستعدون قوله عز وجل : { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ينصرف إلى قوله يصدعون يعني : يتفرقون لكي يجزي الذين آمنوا { وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِن فَضْلِهِ } يعني : من رزقه ويقال من ثوابه ويقال بفضله { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَـٰفِرِينَ } بتوحيد الله عز وجل ويقال لا يرضى دين الكافرين .