Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 6-10)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال عز وجل : { ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ } يعني ذلك الذي يفعل هذا هو عالم الغيب { وَٱلشَّهَـٰدَةِ } يعني ما غاب من العباد وما شاهدوه ويقال : عالم بما كان وبما يكون ويقال : عالم السر والعلانية ويقال : عالم بأمر الآخرة وأمر الدنيا { ٱلْعَزِيزُ } في ملكه { ٱلرَّحِيمُ } بخلقه قوله عز وجل : { ٱلَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَىْء خَلَقَهُ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر خلقه بجزم اللام وقرأ الباقون بالنصب فمن قرأ بالجزم فمعناه الذي أحسن كل شيء وروي عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال : الإنسان في خلقه حسن والخنزير في خلقه حسن وكل شيء في خلقه حسن ومن قرأ بالنصب فعلى فعل الماضي يعني : خلق كل شيء على إرادته وخلق الإنسان في أَحسن تقويم ويقال : الذي علم خلق كل شيء خلقه يعني علم كيف خلق ويقال : هل تحسن شيئاً يعني : تعلم ومعناه الذي علم خلق كل شيء خلقه ويقال : الحسن عبارة عن الزينة يعني الذي زين كل شيء خلقه وأتقنه كما قال : { صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِىۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَىْءٍ } [ النمل : 88 ] . ثم قال : { وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَـٰنِ مِن طِينٍ } يعني خلق آدم عليه السلام من طين من أديم الأرض { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ } أي خلق ذريته من سلالة من النطفة التي تنسَل من الإنسان وقال أهل اللغة كل شيء على ميزان فعالة فهو ما فضل من شيء يقال : نشارة ونخالة ونحاته ثم رجع إلى آدم عليه السلام فقال عز وجل { مِّن مَّاء مَّهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ } يعني سوى خلقه { وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ } ثم رجع إلى ذريته فقال : { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَـٰرَ } ويقال هذا كله في صفة الذرية يعني ثم { جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ } يعني : من نطفة ضعيفة ثم سواه يعني : جمع خلقه في رحم أمه ونفخ فيه من روحه يعني : جعل فيه الروح بأمره وجعل لكم السمع والأبصار { وَٱلأَفْئِدَةَ } ثم قال : { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } يعني لا تشكرون رب هذه النعم على حسن خلقكم فتوحدوه فلا تستعملوا سمعكم وأفئدتكم إلا في طاعتي ويقال : ما هاهنا صلة فكأنه يقول : تشكرونه قليلاً ويقال : ما بمعنى الذي فكأنه قال : فقليل الذي تشكرون وقد يكون الكلام بعضه بلفظ المغايبة ثم قال : وجعل لكم السمع بلفظ المخاطب فكما قال هاهنا ثم جعل نسله ثم سواه ونفخ فيه من روحه بلفظ المغايبة ثم قال : وجعل لكم بلفظ المخاطبة ثم قال عز وجل : { وَقَالُواْ أَءذَا ضَلَلْنَا فِى ٱلأَرْضِ } يعني : هلكنا وصرنا تراباً { أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } يعني انبعث بعد الموت وأصله ضل الماء في اللبن إذا غاب وهلك وروي عن الحسن البصري رحمه الله أنه قرئ آئذا صللنا بالصاد وتفسيره النتن يقال : صل اللحم إذا انتن وقراءة العامة بالضاد المعجمة أي هلكنا وقرأ ابن عامر وقالوا إذا ضللنا إذا بغير استفهام أئنا لفي خلق جديد على وجه الاستفهام قال : لأنهم كانوا يقرون بالموت ويشاهدونه وإنما أنكروا البعث ويكون الاستفهام في البعث دون الموت ثم قال عز وجل : { بَلْ هُم بِلَقَاء رَبِّهِمْ كَـٰفِرُونَ } يعني بالبعث جاحدون فلا يؤمنون به قوله عز وجل : { قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ … } .