Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 60-68)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فقال عز وجل : { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ } عن نفاقهم { وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } يعني : الميل إلى الزنا إن لم يتوبوا عن ذلك { وَٱلْمُرْجِفُونَ فِى ٱلْمَدِينَةِ } يعني : الذين يخبرون بالأراجيف وكانوا يخبرون المؤمنين بما يكرهون من عدوهم والأراجيف هي أول الاختيار وأصل الرجف هو الحركة فإذا وقع خبر الكذب فإنه يقع الحركة بالناس فسمي إرجافاً ويقال : الأراجيف تلقح الفتنة يعني : إن لم ينتهوا عن النفاق وعن الفجور وعن القول بالأراجيف { لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } يعني : لنسلطنك عليهم ويقال : لنحملنك على قتلهم وروى سفيان عن منصور بن زرين قال : { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَٱلْمُرْجِفُونَ فِى ٱلْمَدِينَةِ } هذا كله شيء واحد يعني : أنه نعتهم بأعمالهم الخبيثة { ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً } يعني : لا يساكنوك في المدينة إلا قليلاً حتى أهلكهم ويقال إلا جواراً قليلاً ويقال إلا قليلاً منهم وقال قتادة : إن أناساً من المنافقين أرادوا أن يُظْهِرُوا نفاقهم فنزلت هذه الآية ثم قال عز وجل { مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُواْ } يعني : يجعلهم ملعونين أينما وجدوا فأوجب الله تعالى لهم اللعنة على كل حال أينما وجدوا وأدركوا { أُخِذُواْ وَقُتّلُواْ تَقْتِيلاً } فلما سمعوا بالقتل انتهوا عن ذلك قوله عز وجل : { سُنَّةَ ٱللَّهِ فِى ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ } يعني : سنة الله في الزناة القتل ويقال : هذا سنة الله في الذين مضوا من قبل يعني الذين أضمروا النفاق بأن يسلط الله عليهم الأنبياء بالقتل سنة الله { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً } يعني : مبدلاً ومغيراً قوله عز وجل : { يَسْـئَلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِ } يعني عن قيام الساعة وذلك أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله : متى الساعة فقال - عليه السلام - " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل " فنزل { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ } يعني : علم قيام الساعة عند الله { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً } يعني سريعاً وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : من أشراط الساعة أن يفتح القول ويحزن الفعل وأن ترفع الأشرار وتوضع الأخيار ومعنى يفتح الأقوال أن يقول : أفعل غداً فإذا جاء غداً خالف قوله وقت الفعل وأصل الفتح الابتداء وهو أن يعد لأخيه عدة حسنة ثم يخالفه وقال عطاء بن أبي رباح : من اقتراب الساعة مطر ولا نبات وعلو أصوات الفساق في المساجد وظهور أولاد الزنا وموت الفجأة وانبعاث الدويبضة يعني السفلة من الناس وقوله لعل الساعة تكون ( قَرِيباً ) ولم يقل قريبة لأنها جعلت ظرفاً وبدلاً ولم تجعل نعتاً وصفة ثم قال عز وجل : { إِنَّ ٱللَّهَ لَعَنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } يعني : خذلهم وطردهم من رحمته { وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً } يعني : جهنم ويقال : لعن الكافرين في الدنيا بالقتل وفي الآخرة أعد لهم سعيراً { خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَداً لاَّ يَجِدُونَ وَلِيّاً } يعني : قريباً ينفعهم { وَلاَ نَصِيراً } أي : مانعاً يمنعهم من العذاب والسعير في اللغة هو النار الموقدة ثم قال عز وجل : { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِى ٱلنَّارِ } يعني : تحول يقول هذا العذاب في يوم تقلب وجوههم في النار يعني : تحول عن الحسن إلى القبح من حال البياض إلى حال السواد وزرقة الأعين ويقال تقلب يعني : تجدد كقوله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا } [ النساء : 56 ] فيندمون على فعلهم ويوبخون أنفسهم { يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَا أَطَعْنَا ٱللَّهَ } فيما أمرنا ونهانا في دار الدنيا { وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ } فيما دعانا إلى الحق { وَقَالُواْ رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا } يعني : قادتنا وأشرافنا وعظماءنا { فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ } يعني : صرفونا عن طريق الإسلام ويقال أضللت الطريق وأضللته عن الطريق بمعنى واحد قرأ ابن عامر ساداتنا وقرأ الباقون سادتنا جمع سيد وساداتنا جمع الجمع ثم قال عز وجل : { رَبَّنَا ءاتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ } يعني : زدهم واحمل عليهم يعني عذبهم وارفع عنا بعض العذاب واحمل عليهم فإنهم هم الذين أضلونا { وَٱلْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً } قرأ عاصم وابن عامر في إحدى الروايتين كبيراً بالباء من الكبر والعظم يعني عذبهم عذاباً عظيماً وقرأ الباقون كثيراً من الكثرة يعني : عذبهم عذاباً كثيراً دائماً .