Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 36-42)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهو قوله عز وجل : { قُلْ إِنَّ رَبّى يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَاء } أي يوسع المال لمن يشاء وهو مكر منه واستدراج { وَيَقْدِرُ } يعني يقتر على من يشاء وهو نظر له لكي يعطى في الآخرة من الجنة بما قتر عليه في الدنيا { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أن التقتير والبسط من الله عز وجل ، ويقال : لا يصدقون أن الذين اختاروا الآخرة خير من الذين اختاروا الدنيا ثم أخبر الله تعالى أن أموالهم لا تنفعهم يوم القيامة فقال عز وجل { وَمَا أَمْوٰلُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ بِٱلَّتِى تُقَرّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ } يعني قربة ، ومعناه وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا ولو كان على سبيل الجمع لقال بالذين يقربونكم لأن الحكم للآدميين إذا اجتمع معهم غيرهم ثم قال { إِلاَّ مَنْ آمَنَ } يعني إلا من صدق بالله ورسوله { وَعَمِلَ صَـٰلِحاً فَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ جَزَاء ٱلضّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ } يعني للواحد عشرة إلى سبع مائة ، وإلى ما لا يحصى وقال القتبي : أراد بالضعف التضعيف أي لهم جزاء وزيادة ، قال : ويحتمل جزاء الضعف أي جزاء الأضعاف كقوله : { عَذَاباً ضِعْفاً فِي ٱلنَّارِ } [ ص : 61 ] أي مضافاً وروي عن محمد بن كعب القرظي أنه قال : إن الغني إذا كان تقياً يضاعف الله له الأجر مرتين ثم قرأ هذه الآية { وَمَا أَمْوٰلُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ } إلى قوله : { فَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ جَزَاء ٱلضّعْفِ } يعني أجره مِثْلَيْ ما يكون لغيره ، ويقال هذا لجميع من عمل صالحاً { وَهُمْ فِى ٱلْغُرُفَـٰتِ ءامِنُونَ } قرأ حمزة وهم في الغرفة وقرأ الباقون وهم في الغرفات والغرفة في اللغة : كل بناء يكون علواً فوق سفل ، وجمعه غرف وغرفات ، ومعناه وهم في الجنة آمنون من الموت والهرم والأمراض والعدو وغير ذلك من الآفات ثم قال عز وجل { وَٱلَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِى ءايَـٰتِنَا مُعَـٰجِزِينَ } والقراءة قد ذكرناها { أُوْلَـئِكَ فِى ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } يعني في النار معذبون { قُلْ إِنَّ رَبّى يَبْسُطُ ٱلرّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ } وقد ذكرناه { وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَىْء } يعني ما تصدقتم من صدقة { فَهُوَ يُخْلِفُهُ } يعني فإن الله يعطي خلفه في الدنيا وثوابه في الآخرة { وَهُوَ خَيْرُ ٱلرزِقِينَ } يعني أقوى المعطين وروى أبو الدرداء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " ما طلعت شمس ولا غربت شمس إلا بعث بجنبيها ملكان يناديان اللهم عجل لمنفق ماله خلفاً وعجل لممسك ماله تلفاً " ثم قال عز وجل { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } يعني الملائكة عليهم السلام ومن عبدهم قرأ بعضهم من أهل البصرة : يحسرهم بالياء يعني يحشرهم الله عز وجل وقراءة العامة بالنون على معنى الحكاية عن نفسه { ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَـٰئِكَةِ أَهَـؤُلاَء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } يعني أنتم أمرتم عبادي أن يعبدوكم وهذا سؤال توبيخ كقوله لعيسى عليه السلام { أَءَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِى } [ المائدة : 116 ] الآية { قَالُواْ سُبْحَـٰنَكَ } فنزهت الملائكة ربها عن الشرك ، وقالوا سبحانك يعني تنزيهاً لك { أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ } ونحن بِرآء منهم من أن نأمرهم أن يعبدونا { بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ } يعني أطاعوا الشياطين في عبادتهم { أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } يعني مصدقين الشياطين مطيعين لها يقول الله تعالى { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً } يعني شفاعة { وَلاَ ضَرّا } يعني ولا دفع الضر عنهم { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } يعني كفروا في الدنيا يقال لهم في الآخرة { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ } إنها غير كائنة ثم أخبر عن أفعالهم في الدنيا .