Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 70-88)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِن يُوحَىٰ إِلَىَّ } يعني ما يوحي إليَّ { إِلاَّ أَنَّمَا أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } إِلاَّ أَنا رسول بين ثم قال عز وجل { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنّى خَـٰلِقٌ بَشَراً مّن طِينٍ } يعني آدم { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ } يعني جمعت خلقه { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى } يعني وجعلت الروح فيه { فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ } يعني اسجدوا له { فَسَجَدَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } يعني سجدوا كلهم دفعة واحدة { إِلاَّ إِبْلِيسَ } أبى عن السجود و { ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } يعني وصار من الكافرين { قَالَ يَـا إِبْلِيسَ } ما منعك يعني يا خبيث { مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ } يعني الذي خلقته بيدي ، قال بعضهم نؤمن بهذه الآية ونقرؤها ، ولا نعرف تفسيرها يعني قوله بيدي ، يعني الذي خلقت بيدي ، وقال بعضهم تفسيرها كما قال الله تعالى ، خلقته بيدي ، ولا نفسر اليد ، ونقول يد لا كالأيدي وهذا قول أهل السنة والجماعة ، وقال بعضهم نفسرها بما يليق من صفات الله تعالى يعني خلقه بقدرته وقوته وإرادته ، فإن قيل : قد خلق الله عز وجل سائر الأشياء بقوته وقدرته وإرادته فما الفائدة في التخصيص هنا ؟ قيل له : قد ذكر اليد في خلق سائر الأشياء أيضاً وهو قوله : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعـٰماً } [ يس : 71 ] ويقال { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ } أي بقوتي ، قوة العلم ، وقوة القدرة ، ويقال خلقته بيدي : أي بماء السماء ، وتراب الأرض كقوله ، آدم خلقه من تراب ، وكما قال عليه السلام " خلق الله تعالى الخلق من ماء " وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال " أنزل القرآن على سبعة أحرف ، لكل حرف منها ظهر وبطن " وكذلك الأخبار قد جاء فيها أيضاً ما له ظهر وبطن ، وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " لاَ تَقُولُوا فَلاَنٌ قَبِيح فَإِن الله عز وجل خلق آدم عَلَى صُورَتِهِ " ومن قال إن لله تعالى صورة كصورة آدم فهو كافر ، ولكن المعنى في الخبر ما روي عن بعض المتقدمين أنه قال : إن الله تبارك وتعالى اختار من الصور صورة وخلق آدم عليه السلام بتلك الصورة ، فمن ذلك قال : " إن الله تعالى خلق آدم على صورته " ، أي على تلك الصورة التي اختارها الله ، روى شبل عن ابن كثير أنه قرأ : ( بِيَدَىَّ اسْتَكْبَرَتَ ) موصولة الألف ، وقراءة العامة بقطع الألف على الاستفهام بدليل قوله عز وجل { أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَـٰلِينَ } ومن قرأ موصولة فهو على معنى الوجوب ، وتكون أم بمعنى بل { أَسْتَكْبَرْتَ } يعني تعظمت عن السجود { أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَـٰلِينَ } يعني : بل كنت من العالين ، من المخالفين لأمري { قَالَ } إبليس { أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } قوله عز وجل : { قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ، وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِى إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدّين ، قَالَ رَبّ فَأَنظِرْنِى إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ، قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } وقد ذكرناه من قبل { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ، إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِين } { قَالَ فَٱلْحَقُّ ، وَٱلْحَقَّ أَقُولُ } يقال معناه قولي الحق وأقول الحق ، قرأ حمزة وعاصم ( فالحَقُّ ) بضم القاف ، وقرأ الباقون واتفقوا في الثاني أنه بالنصب ، فمن قرأ بالضم فمعناه : أنا الحق والحق أقول ، ويقال : فمعناه فالحق مني ، والحق أقول ويقال معناه فقولنا الحق ، وأقول الحق { لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } ومن قرأ بالنصب فهو على معنى الإغراء يعني الزموا الحق ، واتبعوا الحق ، ثم قال : { وَٱلْحَقَّ أَقُولُ } يعني وأقول الحق كقوله عز وجل : { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلاً } [ النساء : 122 ] ثم قال عز وجل : { لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } يعني من ذريتك ، وممن تبعك في دينك { قُلْ } يا محمد { مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ } يعني على الذي أتيتكم به من القرآن من أجر ، ولكن أعلمكم بغير أجر { وَمَا أَنَا مِنَ ٱلْمُتَكَلّفِينَ } يعني : ما أتيتكم به من قبل نفسي ، وما تكلفته من تلقاء نفسي ، { إِنْ هُوَ } يعني : ما هذا القرآن { إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَـٰلَمِينَ } يعني : إلا عظة للجن ، والإنس ، { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ } يعني : خبر هذا القرآن أنه حق ، بعد حين يعني بعد الموت ، ويقال : بعد الإسلام ، ويقال بعد ظهور الإسلام . والله أعلم بالصواب .