Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 1-5)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قول الله تبارك وتعالى { تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ مِنَ ٱللَّهِ } يعني القرآن ، صار رفعاً بالابتداء ، وخبره من الله تعالى ، أي نزل الكتاب من عند الله { ٱلْعَزِيزِ } بالنقمة { ٱلْحَكِيمِ } في أمره ، ومعناه نزل جبريل بهذا القرآن من عند الله { ٱلعَزِيزِ ٱلحَكِيمِ } وقال بعضهم : صار رفعاً لمضمر فيه ، ومعناه هذا الكتاب تنزيل قوله تعالى { إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ } يعني أنزلنا إليك جبريل بالكتاب { بِٱلْحَقِّ } { فَٱعْبُدِ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ } يعني استقم على التوحيد ، وعلى عبادة الله تعالى مخلصاً ، وإنما خاطبه والمراد به قومه ، يعني وحدوا الله تعالى ولا تقولوا مع الله شريكاً ثم قال : { أَلاَ لِلَّهِ ٱلدّينُ ٱلْخَالِصُ } يعني له الولاية والوحدانية ، ويقال له الدين الخالص ، والخالص : هو دين الإسلام فلا يقبل غيره من الأديان ، لأن غيره من الأديان ليس هو بخالص سوى دين الإسلام قوله عز وجل { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ } يعني عبدوا من دونه أرباباً ، وأوثاناً { مَا نَعْبُدُهُمْ } على وجه الإضمار ، قالوا مَا نَعْبُدُهُمْ يعني يقولون ما نعبدهم ، وروي عن عبد الله بن مسعود ، وأبي بن كعب أنهما كانا يقرآن وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قالوا ( مَا يعبدهم ) بالياء ، وقراءة العامة مَا نَعْبُدُهُمْ على وجه الإضمار لأن في الكلام دليلاً عليه { إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَى } يعني ليشفعوا لنا ، ويقربونا عند الله ويقال ليقَربونا إلى الله زلفى يعني منزلة . يقول الله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ } يعني يقضي بينهم يوم القيامة { فِيمَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } من الدين ثم قال عز وجل { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى } أي لا يرشد إلى دينه { مَنْ هُوَ كَـٰذِبٌ كَـفَّارٌ } في قوله الملائكة بنات الله وعيسى بن الله ، كفار ، يعني كفروا بالله ، بعبادتهم إياهم ، ويقال معناه : لا يوفق لتوحيده من هو كاذب على الله ، حتى يترك كذبه ويرغب في دين الله { لَّوْ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً } كما قلتم { لاَّصْطَفَىٰ } يعني لاختار من الولد { مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } من خلقه إن فعل ذلك ثم قال { سُبْحَـٰنَهُ } نزه نفسه عن الولد ، وعن الشرك { هُوَ ٱللَّهُ ٱلْوٰحِدُ ٱلْقَهَّارُ } يعني الذي لا شريك له ، القهار : يعني القاهر لخلقه ، ثم بين ما يدل على توحيده ويعجز عنه المخلوقون قوله عز وجل { خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } يعني للحق ، ولم يخلقهما باطلاً لغير شيء { يُكَوّرُ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ } قال مجاهد يعني يدهور الليل على النهار { وَيُكَوّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱللَّيْلِ } يعني يدور النهار على الليل وقال مقاتل : يكور يعني يسلط عليه ، وهو انتقاص كل واحد منهما من صاحبه ، وقال الكلبي يكور يعني : يزيد من النهار في الليل ، فيكون الليل أطول من النهار ، ويزيد من الليل في النهار فيكون النهار أطول من الليل هذا يأخذ من هذا ، وهذا يأخذ من هذا ، وقال القتبي : يُكَوِّرُ يعني : يدخل هذا على هذا ، وأصل التكوير اللف والجمع ، ومنه كور العمامة ، ومنه قوله { إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } [ التكوير : 1 ] { وَيُكَوّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱللَّيْلِ } { وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ } يعني : ذلل ضوء الشمس والقمر للخلق { كُـلٌّ يَجْرِى لأَجَـلٍ مُّسَـمًّى } يعني : إلى أقصى منازله ، ويقال إلى يوم القيامة { أَلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ } يعني : العزيز بالنقمة لمن لم يتب { ٱلْغَفَّارُ } لمن تاب ، ويقال العزيز في ملكه ، الغفار لخلقه بتأخير العذاب .