Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 174-176)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال عز وجل : { يَـا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مّن رَّبِّكُمْ } أي بياناً من ربكم وحجة من ربكم ، وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - والقرآن { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً } أي بياناً من العمى ، وبيان الحلال من الحرام وهو القرآن . قوله تعالى : { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ } أي صدقوا بوحدانية الله تعالى { وَٱعْتَصَمُواْ بِهِ } أي تمسكوا بدينه { فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ } يعني الجنة { وَفَضْلٍ } أي الثواب { وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ } أي يرشدهم إلى دينه ويوفقهم لذلك ، وفي الآية تقديم وتأخير ، فكأنه يقول : يهديهم في الدنيا { صِرٰطاً مُّسْتَقِيماً } أي ديناً لا عوج فيه ويثيبهم على ذلك ، ويدخلهم في الآخرة في رحمة منه وفضل ، وهو الجنة والكرامة . قوله تعالى : { يَسْتَفْتُونَكَ } يعني يسألونك في حكم الميراث { قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلَـٰلَةِ } روي عن قتادة أنه قال : الكلالة من لا ولد له ولا والد ، وكذلك قال ابن عباس وروي عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه قال : إني قد رأيت رأياً فإن يكن صواباً فمن الله وإن يكن خطأ فمن نفسي ومن الشيطان : الكلالة : ما عدا الوالد والولد . وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال : ثلاث لا يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهن لنا ، كان أحب إلي من الدنيا وما فيها : الكلالة ، والخلافة وأبواب الربا . " وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن الكلالة فقال : " ألم تر الآية التي أنزلت في النساء : { قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلَـٰلَةِ إِن ٱمْرُؤٌاْ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ } " يعني هذا تفسير الكلالة وهذه الآية نزلت في شأن جابر بن عبد الله ، سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال إن لي أختاً فما لي من ميراثها ؟ فنزلت هذه الآية فبين ميراث جابر أولاً ثم ميراث أخته ، فصارت الآية عامة لجميع الناس . قال : { إِن ٱمْرُؤٌاْ هَلَكَ } يعني إن مات رجل { لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ } من المال { وَهُوَ يَرِثُهَا } يعني إذا ماتت الأخت والأخ حي ورثها { إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَا وَلَدٌ } . وقد ذكرت الآية حكم الأخ والأخت ، إذا لم يكن لهما ولد ، ولم يبين أنه لو كان لأحدهما ولد فمات أحدهما فما حكمه ؟ ولكن بين على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن للابنة النصف وما بقي فللأخت ، وإن كانت الأخت هي التي ماتت وتركت ابنة وأخاً فللابنة النصف وما بقي فللأخ وفي هذا إجماع ، وفي الأول اختلاف ، قال ابن عباس : لا ترث الأُخت مع الابنة شيئاً ، وخالفه جميع الصحابة ، وقالوا كلهم الأخوات مع البنات عصبة . ثم قال تعالى : { فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ } ، ( يعني إذا كان للميت أختان أو أكثر فلهما الثلثان إذا كانتا اثنتين ، وإن كن أكثر من ذلك فلهن الثلثان أيضاً بالإجماع . ثم قال : ) . { وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاءً } يعني إخوة وأخوات { فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظّ ٱلأُنثَيَيْنِ } يعني لكل سهمان ولكل أخت سهم ، هذا إذا كانت الأخوة والأخوات من الأب والأم ، أو من الأب خاصة فأما إذا كانوا من قبل الأم فهم شركاء في الثلث ، ليس لهم أكثر من ذلك كما ذكرنا في أول السورة وهذا بالإجماع ، ثم قال عز وجل : { يُبَيّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } أي يبين الله لكم قسمة المواريث ، لكي لا تضلوا ولا تخطئوا في قسمتها ، وقد يحذف ( لا ) فيراد به إثباته ، كقوله { وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ } [ لقمان : 10 ] يعني أن لا تميد بكم ، وقد يذكر ( لا ) ويراد حذفه كقوله : { قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ } [ الأعراف : 12 ] يعني أن تسجد ، وكقوله { لاَ أُقْسِمُ } [ القيامة : 1 ] أقسم ثم قال تعالى { وَٱللَّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } من قسمة المواريث وغيره ، أي اتبعوا ما أنزل الله تعالى وبين لكم في كتابه . ( والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليماً ) .