Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 1-1)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ } قال ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله تعالى { يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ } قال الناس عامة ، وقد يكون : { يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ } خاصة وعامة ، يعني خاصة لأهل مكة ، وفي هذا الموضع عام لجميع الناس { ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ } يعني اخشوا ربكم ، ويقال : أطيعوا ربكم . ويقال : احذروا المعاصي لكي تنجوا من عقوبة ربكم . وقال : وحدوا ربكم ولا تشركوا به شيئاً . ثم دل على وحدانية نفسه بصنيعه . فقال : { ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ } يعني آدم ، { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } يعني خلق من نفس آدم زوجها حواء ، وذلك أن الله تعالى لما خلق آدم وأسكنه الجنة ألقى عليه النوم ، فكان آدم بين النائم واليقظان ، فخلق من ضلع من أضلاعه اليسرى حواء ، فلما استيقظ ، قيل له : من هذه يا آدم ؟ قال : امرأة ، لأنها خلقت من المرء ، فقيل : ما اسمها ؟ قال : حواء ، لأنها خلقت من حي ، وقد قيل : إنما سميت حواء لأنه كان على شفتيها حوة ، وقيل لأن لونها كان يضرب إلى السمرة ، فسميت حواء من قولك أحوا ، كقوله تعالى : { فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ } [ الأعلى : 5 ] ثم قال تعالى : { وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء } يعني خلق منهما ، يعني من آدم وحواء ، ونشر منهما رجالاً كثيراً ونساءً ، يعني خلق منهما رجالاً كثيراً ونساءً . قال مقاتل : أي خلق منهما ألف ذرية من الناس . ثم قال تعالى : { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي أطيعوا الله { ٱلَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ } قرأ حمزة ، والكسائي وعاصم وأبو عمرو ، في رواية هارون : « تسألون » بغير تشديد ، وقرأ الباقون : بالتشديد ، [ فأما من قرأ بالتشديد ] ، لأن أصله تتساءلون ، فأدغم إحدى التاءين في السين وأقيم التشديد مقامه ، ومن قرأ بالتخفيف فالأصل أيضاً : تتساءلون فحذف إحدى التاءين لاجتماع الحرفين من جنس واحد للتخفيف . ثم قال : { وَٱلأَرْحَامَ } قرأ حمزة : " والأرحام " بكسر الميم ، والباقون بنصب الميم ، ومعناه : واتقوا الله الذي تسألون به الحاجات ، يعني الذي يسأل الناس بعضهم بعضاً ، فيقول الرجل للرجل : أسألك بالله وأنشدك بالله والأرحام ، يقول : واتقوا [ الله ] في ذوي الأرحام فصلوها ولا تقطعوها ، وأما من قرأ بالكسر : معناه ، أسألك بالله وبالرحم أن تعطيني شيئاً . وقال الزجاج من قرأ بالخفض فخطأ في العربية [ وفي أمر الدين ، أما الخطأ في العربية ] لأن الإسم يعطف على الاسم المفصح به ولا يعطف على المكنى به إلا في اضطرار الشعر كقول الشاعر : @ فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا فما لنا بك والأيام من عجب @@ وأما في غير الشعر فلا يستعمل ، وأما الخطأ الذي في الدين ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تحلفوا بآبائكم " فالسؤال بالأرحام أمر عظيم ولكن روي عن إبراهيم النخعي : أنه كان يقرأ بالخفض أيضاً . ثم قال تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } أي حفيظاً لأعمالكم يسألكم عنها فيما أمركم به ، وروى أبو هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ما من عمل حسنة أسرع ثواباً من صلة الرحم وما من عمل سيئة أسرع عقوبة من البغي ، واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع " وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " [ إن الله ] لما خلق الرحم قال له : أصل من وصلك واقطع من قطعك " ويقال الرحم مشتق من الرحمة ، فمن قطعها فليس له من رحمة الله تعالى نصيب . وقال - صلى الله عليه وسلم - : " الرحم معلق بالعرش فمن قطعها قطعني ومن وصلها وصلني "