Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 58-59)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَـٰنَـٰتِ إِلَى أَهْلِهَا } وذلك أن مفتاح الكعبة كان في يد بني شيبة ، وكانت السقاية في يد بني هاشم ، فلما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة ، دعا عثمان بن طلحة ، وقال له : هات المفتاح فخشي عثمان أن يعطيه إلى عمه العباس ، فجاء بالمفتاح وقال لرسول الله [ - صلى الله عليه وسلم - حين دفع إليه ] ، خذه بأمانة الله ، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيت ، فإذا فيه تمثال إبراهيم - عليه السلام - مصور على الحائط وبيده قداح ، وعنده إسماعيل والكبش مصوران فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " قاتل الله الكفار ما لإبراهيم والقداح " ، فأمر بالصور فمحيت ، فقضى حاجته من البيت ثم خرج ، فطلب منه العباس بأن يدفع إليه المفتاح فنزلت هذه الآية : { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَـٰنَـٰتِ إِلَى أَهْلِهَا } ثم صارت الآية عامة لجميع الناس ، برد الأمانات إلى أهلها ، ويقال : نزلت في شأن اليهود حيث كتموا نعت محمد - صلى الله عليه وسلم - وكانت أمانة عندهم فمنعوها . ويقال : هذا أمر لجميع المسلمين : بأداء الفرائض ، وجميع الطاعات لأنها أمانة عندهم ، كقوله تعالى : { إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ … } إِلَى قَوْلُهُ : { وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَـٰنُ } ثم قال تعالى : { وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ } يقول : بالحق . وقال الضحاك : { وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ } أي بين القوم { أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ } أي بالبينة على المدعي واليمين على المدعى عليه . { إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ } يعني يأمركم بالعدل والنصيحة ، والاستقامة ، وأداء الأمانة { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعاً } بمقالة العباس ، { بَصِيراً } برد المفتاح إلى أهله . قرأ ابن عامر والكسائي وحمزة : ( نعما ) بنصب النون ، وكسر العين ، والاختلاف فيه كالاختلاف الذي في سورة البقرة ، وذلك قوله تعالى : { إِن تُبْدُواْ ٱلصَّدَقَـٰتِ فَنِعِمَّا هِيَ } وقوله تعالى : { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ } أي في الفرائض { وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } أي في السنن ، ويقال : أطيعوا الله فيما فرض ، وأطيعوا الرسول فيما بين ، ويقال : { أَطِيعُواْ ٱللَّهَ } يقول : لا إله إلا الله ، وأطيعوا الرسول ، يقول : محمد رسول الله . { وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ } . يعني أطيعوا أولي الأمر منكم . قال الكلبي ومقاتل : يعني أمراء السرايا . وقال الضحاك : يعني الفقهاء والعلماء في الدين . ويقال : الخلفاء والأمراء ، ويجب طاعتهم ما لم يأمروا بالمعصية قوله : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ } من الحلال والحرام والشرائع ، { فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ } يعني إلى أمر الله فيما يأمر بالوحي ، وإلى أمر الرسول فيما يخبر عن الوحي ، ثم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - لما انقطع الوحي يرد إلى كتاب الله تعالى ، وإلى سنة رسوله - عليه الصلاة والسلام - ويقال [ معناه ] إذا أشكل عليكم شيء فقولوا الله ورسوله أعلم وهذا كما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل . وقال الخليل بن أحمد البصري : الناس أربعة : رجل لا يدري ، ولا يدري أنه لا يدري ، فهذا أحمق فاجتنبوه ، ورجل لا يدري ، ويدري أنه لا يدري ، فهذا جاهل فعلموه ، ورجل يدري ولا يدري أنه يدري فهذا نائم فأيقظوه ، ورجل يدري ، وهو يدري أنه يدري ، فهذا عالم فاتبعوه . ثم قال تعالى : { إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } يعني إن كنتم تصدقون بالله واليوم الآخر ، ثم قال : { ذٰلِكَ خَيْرٌ } أي الرد إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله ، خير من الإختلاف { وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } أي وأحسن عاقبة . وروي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال : حق على الإمام أن يحكم بالعدل ، ويؤدي الأمانة [ إلى أهلها ] فإذا فعل ذلك وجب على المسلمين أن يطيعوه فإن الله تعالى أمرنا بأداء الأمانة والعدل ، ثم أمرنا بطاعتهم . وقال مجاهد : { وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ } العلماء والفقهاء ، وهكذا روي عن جابر .